الفرق الثاني: أنّا إنما قلنا: ثمّ بالوجوب على الجميع؛ لأنه لو وجب ثمّ على بعض غير معين, لكان الإثم بعضا غير معين, وإثم واحد غير معين لا يعقل, بخلاف التأثيم بترك واحد غير معين فإنه معقول.
قيل على الفرق الأول: التأثم بترك الجميع؛ لأن من ترك الجميع أثم, ومن ترك واحدا من الثلاثة لم يأثم.
قلت: وفيه نظر؛ لأنه إن ترك أحدها فيأثم, لا لكونه ترك الجميع, بل لاستلزامه ترك أحدها.
قال: (قالوا: يجب أن يعلم الأمر الواجب.
قلنا: يعلم حسب ما أوجبه, وإذا أوجبه غير معين, وجب أن يعلمه غير معين.
قالوا: علم ما يفعل, فكان الواجب.
قلنا: فكان الواجب لكونه واحدا منها لخصوصه, للقطع بأن الخلق فيه سواء).
أقول: احتجوا رابعًا: وهو يصلح لمذهب الجمهور منهم, ويصلح لمن قال: الواجب واحد معين عند الله تعالى - وتقريره:
لو كان الواجب أحدها لا بعينه, لزم أن يعلمه الآمر, لامتناع إيجاب شيء مع الجهل به, واللازم باطل؛ لأن ما ليس بمتعين غير معلوم, ضرورة أن كل معلوم متعين.
أجاب: بمنع بطلان التالي.