أولى؛ لأن ما فعله إنما يصدق عليه أنه معطي بطريق المجاز, والمعطي من الغنائم يصدق عليه {وما آتاكم الرسول} بطريق الحقيقة.
سلمنا أن الحقيقة غير مرادة, لكن لا يصار إلى المجاز الأقرب, والمراد من قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه} أي ما أمركم, لمقابلته لقوله: وما نهاكم رعيًا للمطابقة, والأمر لا يتناول الفعل, فلا يكون الفعل الذي لم تعلم صفته واجبًا.
وأيضًا: لا نسلم وجوب جميع ما أتى به؛ لأن إيجاب ما ليس بواجب تناقض, فالمراد بعضه وهو ما كان واجبًا, فيتوقف الاستدلال بها عليه, وهل النزاع إلا فيه؟ .
الآية الثانية: قوله تعالى: {فاتبعوه} والأمر ظاهر في الوجوب, فيكون امتثال متابعته واجبة؛ إذ المتابعة هي الإتيان بمثل فعله.
أجاب: بأن حقيقته اتباع شخص النبي وهو غير مراد, وحينئذ احتمل أن يكون فاتبعوه في الفعل على الوجه الذي فعله, أو في القول, أو فيهما؛ لأن الآية مطلقة لا عامة, وحينئذ لا تجب متابعته في فعل لم تعلم صفته.
أما على التقرير الأول والثالث؛ فلأن المتابعة في الفعل أن يفعله المتبع على الوجه الذي فعله المتبوع, إما من وجوب, أو ندب, أو إباحة, ولا يتصور ذلك فيما لم تعلم صفته.
وأما على التقرير الثاني؛ فلأنه لا يلزم من وجوب المتابعة في القول وجوبها في الفعل, فضلا عن قول لم تعلم صفته, ولأنه إذا فعله على الندب