للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخاك قد ترك بنتين، وأمّا، وزوجة، واثنى عشر أخا، وأختا، وهى أنت. قالت:

نعم، يا أمير المؤمنين. فقال: للبنتين الثّلثان، أربعمائة دينار، وللأمّ السّدس، مائة دينار، وللزّوجة الثّمن، خمسة وسبعون دينارا، يبقى خمسة وعشرون دينارا، لكلّ أخ ديناران، ولك دينار واحد. فتعجّب الناس من فطنته وسرعة جوابه.

وقد روينا هذه الحكاية أيضا عن على بن أبى طالب، رضى الله تعالى عنه، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

ودخل [بعض] (١) الشّعراء على المأمون (٢)، وأنشده بيتا من شعره قاله فيه، وكان الشاعر يعجب به، فلم يقع من المأمون موقعا، ولا رفع له رأسا، فلما خرج من عنده لقيه شاعر آخر، فشكا له حاله، وعدم إقبال المأمون على شعره، فقال له: ما هو؟ فقال:

أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلا … بالدّين والناس بالدّنيا مشاغيل

فقال له ذلك الشاعر: ما زدت على أن جعلته عجوزا فى محرابها، فى يدها سبحة، فمن يقوم بأمر الدّنيا إذا كان مشغولا عنها، وهو المطوّق بها، فهلا قلت كما قال جرير فى عبد العزيز بن الوليد، وهو (٣):

فلا هو فى الدّنيا مضيع نصيبه … ولا غرض الدّنيا عن الدّين شاغله

*وروى ابن عساكر (٤)، من طريق النّضر بن شميل، قال: دخلت على المأمون، فقال: كيف أصبحت يا نضر؟ قلت: بخير يا أمير المؤمنين. قال: ما الإرجاء؟ فقلت: دين يوافق الملوك، يصيبون به من دنياهم، وينقصون من دينهم. قال:

صدقت. ثم قال: يا نضر، أتدرى ما قلت فى صبيحة هذا اليوم؟ قلت: (٥) أنّى لى بعلم الغيب (٥). فقال (٦):


(١) تكملة لازمة.
(٢) البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٦، تاريخ بغداد ١٠/ ١٨٩، تاريخ الطبرى ٨/ ٦٦٣، الكامل ٦/ ٤٣٨. وفى تاريخ بغداد أن الشاعر ابن أبى حفصة، وفى تاريخ الطبرى أنه عبد الله بن أبى السمط.
(٣) ديوان جرير ٢/ ٧٠٣.
(٤) نقله ابن كثير، فى البداية والنهاية ٢٧٧،١٠/ ٢٧٦.
(٥ - ٥) فى البداية: «إنّي لمن علم الغيب لبعيد».
(٦) الأبيات أيضا فى: سير أعلام النبلاء ١٠/ ٢٨٢، فوات الوفيات ٢/ ٢٣٨.