للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزاهرة الَّتِي بناها الْمَنْصُور بن أبي عَامر وَهِي من عجائب الدُّنْيَا مر عَلَيْهَا فِي أَيَّام الْمَنْصُور بعض أهل البصائر وَهِي فِي نِهَايَة الْعمرَان والازدهاء بسكانها فَقَالَ يَا دَار فِيك من كل دَار فَجعل الله مِنْك فِي كل دَار قَالَ فَضرب الدَّهْر ضرباته وسلط عَلَيْهَا أَيدي الْعدوان فهدمت وَخَربَتْ وَتَفَرَّقَتْ محاسنها حَتَّى نقل بعض أنقاضها إِلَى الْعرَاق

قَالَ اليفرني وَلما دخلت البديع مقفلي من الرحلة وَرَأَيْت مَا هالني أنشدت أبياتا أنشدها الشَّيْخ محيى الدّين بن عَرَبِيّ فِي كتاب المسامرة لما دخل الزاهرة فَوَجَدَهَا متهدمة وَهِي

(ديار بِأَكْنَافِ الملاعب تلمع ... وَمَا أَن بهَا من سَاكن فَهِيَ بلقع)

(ينوح عَلَيْهَا الطير من كل جَانب ... فتصمت أَحْيَانًا وحينا ترجع)

(فخاطبت مِنْهَا طائرا متفردا ... لَهُ شجن فِي الْقلب وَهُوَ مروع)

(فَقلت على مَاذَا تنوح وتشتكي ... فَقَالَ على دهر مضى لَيْسَ يرجع)

وأنشدت مَا أنْشدهُ ابْن الْآبَار فِي تحفة القادم

(قلت يَوْمًا لدار قوم تفانوا ... أَيْن سكانك الْكِرَام علينا)

(فأجابت هُنَا أَقَامُوا قَلِيلا ... ثمَّ سَارُوا وَلست أعلم أَيّنَا)

ثمَّ قَالَ اليفرني رَحمَه الله

لَطِيفَة تَأَمَّلت لفظ البديع فَوجدت عدد نقط حُرُوفه بِحِسَاب الْجمل مائَة وَسَبْعَة عشر وَهَذَا الْقدر هُوَ الَّذِي بَقِي فِيهِ البديع قَائِما فَإِنَّهُ فرغ مِنْهُ سنة اثْنَتَيْنِ وَألف وَشرع فِي هَدمه سنة تسع عشرَة وَمِائَة وَألف فمدة عمره مائَة وَسبع عشرَة سنة على عدد اسْمه وَذَلِكَ من غَرِيب الِاتِّفَاق فسبحان من دقَّتْ حكمته وجلت قدرته وعمت رَحمته لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَكِيم الْعَلِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>