ثمَّ ولى عبيد الله على الأندلس عبد الْملك بن قطن الفِهري ثمَّ بعده عقبَة بن الْحجَّاج السَّلُولي فَكَانَ مَحْمُود السِّيرَة وَتمكن سُلْطَان عبيد الله بالمغرب وَبنى جَامع الزيتونة بتونس لَكِن صحّح صَاحب المؤنس أَن أول مختط للجامع الْمَذْكُور حسان بن النُّعْمَان وتممه عبيد الله هَذَا وَاتخذ بهَا دَار صناعَة لإنشاء المراكب البحرية ثمَّ بعث حبيب بن أبي عُبَيْدَة بن عقبَة بن نَافِع الفِهري غازيا أَرض الْمغرب فَانْتهى إِلَى السوس الْأَقْصَى وَقَاتل مسوفة ثمَّ تخطاهم إِلَى تخوم السودَان وَأصَاب من مَغَانِم الذَّهَب وَالْفِضَّة والسبي شَيْئا كثيرا ودوخ بِلَاد البربر وقبائلها وَرجع ثمَّ أغزاه ثَانِيَة جَزِيرَة صقلية فَركب الْبَحْر إِلَيْهِم سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَة وَمَعَهُ ابْنه عبد الرَّحْمَن بن حبيب فنازل سرقوسة أعظم مدن صقلية وَضرب على أَهلهَا الْجِزْيَة وأثخن فِي سَائِر الجزيرة
وَكَانَ عمر بن عبيد الله فِي هَذِه الْمدَّة بطنجة قد أَسَاءَ السِّيرَة فِي برابرة الْمغرب الْأَقْصَى وَأَرَادَ أَن يُخَمّس من أسلم مِنْهُم وَزعم أَنه الْفَيْء فنفرت قُلُوب البربر عَنهُ وأحسوا بِأَنَّهُم طعمة للْعَرَب وثقلت عَلَيْهِم وَطْأَة عُمَّال ابْن الحبحاب جملَة بِمَا كَانُوا يطالبونهم بِهِ من الْوَظَائِف البربرية مثل الإدم العسلية الألوان وأنواع طرف الْمغرب فَكَانُوا يتغالون فِي جمع ذَلِك وانتخابه حَتَّى كَانَت الصرمة من الْغنم تهْلك ذبحا لاتخاذ الْجُلُود العسلية من سخالها وَلَا يُوجد فِيهَا مَعَ ذَلِك إِلَّا الْوَاحِد وَمَا قرب مِنْهُ فَكثر عيثهم بذلك فِي أَمْوَال البربر فَأَجْمعُوا الانتقاض وبلغهم مسير العساكر مَعَ حبيب بن أبي عُبَيْدَة إِلَى صقلية فجرأهم ذَلِك على مُرَادهم وثار ميسرَة المضغري بأحواز طنجة على مَا نذكرهُ
وَكَانَت بِدعَة الخارجية يَوْمئِذٍ قد سرت فِي البربر وتلقنها رؤوسهم عَن عرب الْعرَاق الساقطين إِلَى الْمغرب نزعوا بهَا إِلَى الْأَطْرَاف داعين أغمار