الْأُمَم إِلَيْهَا عَسى أَن تكون لَهُم دولة فاستحكمت صبغتها فِي طغام البربر ووشجت فيهم عروقها فَكَانَ ذَلِك من أقوى البواعث والأسباب فِي خرق حجاب الهيبة على الْخُلَفَاء وانتقاض البربر على الْعَرَب ومزاحمتهم لَهُم فِي سلطانهم
ولنذكر هُنَا أصل الْخَوَارِج وفرقهم على الْجُمْلَة ثمَّ نعود إِلَى موضوعنا الَّذِي كُنَّا فِيهِ فَنَقُول قد تقدم لنا فِي خلَافَة عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ من أَمر التَّحْكِيم وَمَا نَشأ عَنهُ من خُرُوج طَائِفَة من الْقُرَّاء عَلَيْهِ وَقَالُوا حكمت الرِّجَال فِي دين الله وَلَا حكم إِلَّا لله وَأَن عليا رَضِي الله عَنهُ استأصلهم بالنهروان فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه قد قطع الله دابرهم آخر الدَّهْر فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم لفي أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء لَا تخرج خَارِجَة إِلَّا خرجت بعْدهَا مثلهَا فَصدق الله قَول عَليّ ونبغت مِنْهُم طوائف بالعراق وَغَيره وتكرر خُرُوجهمْ على الْخُلَفَاء وشرى داؤهم وأعيى دواؤهم وتعددت فرقهم ومذاهبهم
قَالَ ابْن خلدون افْتَرَقت الْخَوَارِج على أَربع فرق
الأولى الْأزَارِقَة أَصْحَاب نَافِع بن الْأَزْرَق الْحَنَفِيّ وَكَانَ رَأْيه الْبَرَاءَة من سَائِر الْمُسلمين وتكفيرهم والاستعراض يَعْنِي الْقَتْل من غير سُؤال عَن حَال أحد وَقتل الْأَطْفَال وَاسْتِحْلَال الْأَمَانَة لِأَنَّهُ يراهم كفَّارًا