بفاس الْجَدِيد فَقتلته اللُّصُوص بِبَاب الْمدرسَة العنانية وَفِي نشر المثاني قَتله اللمطيون بالزربطانة لأَنهم اتَّهَمُوهُ بالميل إِلَى عبد الله بن الشَّيْخ فَوَقع بِسَبَب قَتله شَرّ عَظِيم بَين أهل العدوتين من فاس
وَلم يزل عبد الله فِي معالجة أهل فاس فَتَارَة يميلون إِلَيْهِ وَتارَة ينحرفون عَنهُ لفساد سيرته وقبح طويته حَتَّى كَانَ قائده مامي العلج ينهب الدّور جهارا وَيُعْطِي عبد الله كل يَوْم على ذَلِك عشرَة آلَاف مِمَّا ينهب من النَّاس من غير جريمة وَلَا ذَنْب
وَقَامَ عَلَيْهِ بمكناسة أَيْضا رجل يُقَال لَهُ الشريف آمغار وَقَامَ عَلَيْهِ بتطاوين الْمُقدم أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد النقسيس وَلم يبْق فِي يَده إِلَّا فاس الْجَدِيد وَأما فاس الْقَدِيم فَتَارَة وَتارَة كَمَا ذكرنَا آنِفا لِأَنَّهُ استولى عَلَيْهَا الشريف أَبُو الرّبيع والفقيه المربوع وَلما قتلا كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا قَامَ بفاس مُحَمَّد بن سُلَيْمَان اللمطي الْمَدْعُو الْأَقْرَع وَعلي بن عبد الرَّحْمَن فَقتل ابْن سُلَيْمَان
وَقَامَ أَحْمد بن الْأَشْهب مَعَ ابْن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فَوَقَعت فتن وحروب ثمَّ قَامَ الْحَاج على سوسان وَابْن يعلى وَتَوَلَّى أَيْضا يزرور ومسعود ابْن عبد الله وَغَيرهم من الثوار
وَكَانَت فاس أَيَّام هَؤُلَاءِ على فرق وشيع لَا يَأْمَن التَّاجِر على نَفسه إِلَّا إِن استجار بِأحد من هَؤُلَاءِ وَوَقع من الْفِتَن مَا أظلم بِهِ جو فاس ونتن أفقها العاطر الأنفاس وخلا أَكثر الْمَدِينَة وَاسْتولى عَلَيْهَا الخراب ودام الشَّرّ بَين أهل العدوتين حَتَّى كَادَت فاس تضمحل وَيَعْفُو رسمها
وَحدث غير وَاحِد من الثِّقَات أَنه لما دَامَت الْحَرْب بَين أهل العدوتين وَلم يكن لأهل الأندلس غَلَبَة على اللمطيين قَالَ الشَّيْخ أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّد الفاسي لَا يغلب أحد اللمطيين مَا داموا مواظبين على قِرَاءَة الحزب الْكَبِير للْإِمَام الشاذلي رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت طَائِفَة من اللمطيين يقرؤونه كل صباح بزاوية سَيِّدي رضوَان الجنوي من عدوة اللمطيين فَسمع ذَلِك أهل عدوة الأندلس فاحتالوا على إبِْطَال قِرَاءَة ذَلِك الحزب بِأَن بعثوا