أحدا فاحتال على أُولَئِكَ الَّذين يقرؤونه فاستضافهم فَبَاتُوا عِنْده جَمِيعًا فِي منزله فَلَمَّا طلع الْفجْر أَو كَاد زعم أَن مِفْتَاح الدَّار قد سقط مِنْهُ وَتلف وَلم يزل يعاني فتحهَا إِلَى أَن طلعت الشَّمْس فَخَرجُوا وَلم يقرأوا الحزب ذَلِك الْيَوْم وَأخْبر أهل الأندلس بذلك فحملوا على أهل عدوة اللمطيين فهزموهم وتحكموا فيهم مَعَ أَنهم كَانُوا لم يَجدوا إِلَيْهِم سَبِيلا قبل ذَلِك ببركة حزب الشاذلي رَضِي الله عَنهُ
وَذكر بَعضهم أَن سَبَب هَذِه الفترة مَا حُكيَ أَن عبد الله بن الشَّيْخ عزم على التنكيل بِأَهْل فاس فِي بعض غلباته عَلَيْهِم أَيَّام خُرُوجهمْ عَلَيْهِ فاستشفعوا إِلَيْهِ بالصالحين المجذوبين سَيِّدي جلول بن الْحَاج وسيدي مَسْعُود الشراط وَكَانَ من الملامتية فَلَمَّا وَقفا بَين يَدَيْهِ قَالَ أما وجد أهل فاس شَفِيعًا غير هَؤُلَاءِ الخراءين فِي ثيابهما فَغَضب سَيِّدي جلول وَقَالَ وَالله لَا تصرف فِيهَا يَعْنِي فاسا أحد أَرْبَعِينَ سنة وانصرفا فَيُقَال إِن عبد الله بن الشَّيْخ انقلبت معدته فَخرج غائطه من فَمه أَيَّامًا إِلَى أَن أَتَى بالشيخين فاسترضاهما فَكَانَ أَمر فاس كَمَا قَالَ سَيِّدي جلول لم يُطَأْطِئ رُؤُوس أعيانها سُلْطَان إِلَى أَن جَاءَ الله بالمولى الرشيد بن الشريف السجلماسي رَحمَه الله كَمَا سَيَأْتِي وَإِنَّمَا كَانَ يتَصَرَّف فِيهَا رُؤَسَاء أهل فاس الَّذين يسمونهم السياب قَالَ اليفرني وَهَذِه حِكَايَة صَحِيحَة سَمعتهَا من غير وَاحِد بفاس ملخصها مَا ذكرنَا
وَلم يزل عبد الله فِي محاربة أهل فاس الْقَدِيم من سنة عشْرين وَألف إِلَى أَن توفّي يَوْم الِاثْنَيْنِ الثَّالِث وَالْعِشْرين من شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَألف بِسَبَب مرض اعتراه من إسرافه فِي الْخمر وإدمانه عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يُفَارِقهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارا ويتعاطاه سرا وجهارا
قَالَ فِي شرح زهرَة الشماريخ وَلما توفّي عبد الله ولي بعده أَخُوهُ عبد الْملك فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَألف وَلم يزل مُقْتَصرا على مَا كَانَ قد صفا لِأَخِيهِ إِلَى أَن توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَألف