وَلما ظفر بهم الْمُسلمُونَ أَسرُّوا مِنْهُم نَحْو أَلفَيْنِ وَقتلُوا مِنْهُم اثْنَتَيْ عشرَة مائَة وَوجد بهَا من البارود وَالْعدة مَا لَا يُحْصى كَثْرَة فَمن المدافع نَحْو مائَة وَثَمَانِينَ مِنْهَا اثْنَان وَعِشْرُونَ من النّحاس وَالْبَاقِي من الْحَدِيد وَمِنْهَا مدفع يُسمى الغصاب طوله خَمْسَة وَثَلَاثُونَ قدما بِالْحِسَابِ وَوزن كرته خَمْسَة وَثَلَاثُونَ رطلا بِحَيْثُ حلق عَلَيْهِ بِقرب خزانته أَرْبَعَة رجال كَذَا سمع من المشاهدين لذَلِك بعد السُّؤَال كَذَا فِي النزهة قَالَ منويل فِي كِتَابه إِن النَّصَارَى مَا أَسْلمُوا أنفسهم حَتَّى شرطُوا شُرُوطًا مُعْتَبرَة لَكِن السُّلْطَان نكث اه قلت حكى أَبُو الْقَاسِم العميري فِي فهرسته مَا حَاصله أَن نَصَارَى العرائش ادعوا أَن الْفَتْح الْمَذْكُور إِنَّمَا كَانَ صلحا وتأمينا لَا عنْوَة ثمَّ لما طَال النزاع فِي ذَلِك أَمر السُّلْطَان قَاضِي حَضرته المكناسية أَبَا عبد الله مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِأبي مَدين بِبَيَان الحكم فِي ذَلِك فَأجَاب جَوَابا طَويلا حرر فِيهِ حكم الشَّرِيعَة المحمدية بِمَا لاغاية فَوْقه وَحكم على أُولَئِكَ النَّصَارَى بالأسر وَقد ذكر ذَلِك بِتَمَامِهِ فِي الفهرسة الْمَذْكُورَة فَلْينْظر هُنَالك وَأمر السُّلْطَان رَحمَه الله بإشخاص أُولَئِكَ النَّصَارَى إِلَى مكناسة الزَّيْتُون وَكَانُوا ألفا وَثَمَانمِائَة على مَا فِي الْبُسْتَان فَكَانَ يستخدمهم مَعَ غَيرهم من المساجين والأسرى فِي بِنَاء قصوره بِالنَّهَارِ ويبيتون لَيْلًا فِي الدهليز وَهُوَ فِي عرف المغاربة هري تَحت الأَرْض وأسكن السُّلْطَان رَحمَه الله أهل الرِّيف العرائش وَأمر قائدهم أَن يَبْنِي بهَا مسجدين وحماما وَيَبْنِي دَاره بقلعتها وَفِي فتح العرائش أنْشد الْخَطِيب البليغ أديب فاس ومفتيها أَبُو مُحَمَّد عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد الشريف البوعناني فَقَالَ
(أَلا أبشر فَهَذَا الْفَتْح نور ... قد انتظمت بعزكم الْأُمُور)
(وطير السعد نَادَى حَيْثُ غنى ... قد انشرحت بفتحكم الصُّدُور)
(وضوء النَّصْر ساعده التهاني ... وَنور الْفَخر نحوكم يَدُور)
(وَقد وافتكم الْخيرَات طرا ... وطاب الْعَيْش واتصل السرُور)
(حميتم بَيْضَة الْإِسْلَام لما ... بِعَين الْحق قد حرس الثغور)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute