حَتَّى وصل إِلَى آسفي فزار الشَّيْخ أَبَا مُحَمَّد صَالح رَضِي الله عَنهُ وَعطف إِلَى الزاوية الشرادية فبغتها وطلعت عَلَيْهَا راياته المنصورة بِاللَّه مَعَ الصَّباح وَلم يعرج على مراكش وَقبل نزُول الْجَيْش وَضرب الأخبية أنشبت الْحَرْب مَعَهم فتقاتلوا وتحاجزوا مَعَ الظّهْر وَكَانَ الزَّمَان زمَان مصيف ودامت الْحَرْب سَبْعَة أَيَّام وَنصب عَلَيْهِم السُّلْطَان المدافع والمهاريس الْعِظَام وَفِي الْيَوْم الْخَامِس من تِلْكَ الْأَيَّام كَانَ عيد المولد الْكَرِيم يَوْم الْأَرْبَعَاء من سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فَأَرَادَ السُّلْطَان رَحمَه الله أَن يعفي النَّاس من الْحَرْب ذَلِك الْيَوْم فَحمل الشراردة طغيانهم وبغيهم على أَن تقدمُوا للجيش وأنشبوا الْحَرْب فَأمر السُّلْطَان بالزحف إِلَيْهِم والنكاية فيهم وَكَانَ الْمعلم الْأَكْبَر أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله ملاح السلاوي حَاضرا فِي هَذِه الْوَقْعَة فَتقدم إِلَيْهِ السُّلْطَان بالوصاة بالجد وَالِاجْتِهَاد فِي الرَّمْي فَرمى عَلَيْهِم فِي ذَلِك الْيَوْم مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ بنبة كلهَا فِي وسط الزاوية تتفرقع عِنْد نُزُولهَا فتأتي على مَا جاورها من جِدَار وَغَيره حَتَّى شاهدوا فِي ذَلِك الْيَوْم الْمَوْت الْأَحْمَر وَكَانُوا هم أَيْضا يرْمونَ بالكور والبنب من المدافع والمهاريس الَّتِي استولوا عَلَيْهَا فِي محلّة السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان ثمَّ لما كَانَ عشي الْجُمُعَة السَّابِع من أَيَّام الْحَرْب افْتَرَقت كلمتهم وعزم الْمهْدي على الْفِرَار فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه كَيفَ تَفِر وتتركنا وَأَيْنَ مَا كنت تعدنا فَقَالَ لَهُم أما أَنْتُم فَالَّذِي أورثكم أسلافكم هُوَ الْخدمَة مَعَ السُّلْطَان فَلَا تستنكفوا مِنْهَا وَأما أَنا فَالَّذِي عِنْدِي وسمعته من آبَائِي أَن الْحَرْب تدوم على هَذِه الْقرْيَة سَبْعَة أَيَّام ثمَّ يستولي عَلَيْهَا السُّلْطَان الَّذِي يَجِيء من نَاحيَة الْبَحْر وَهُوَ هَذَا فِي كَلَام آخر تكهن لَهُم فِيهِ واعتقد الجهلة صدقه بعد أَن أتلفوا عَلَيْهِ نُفُوسهم وَأَمْوَالهمْ وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من هاد وَلما جن اللَّيْل ركب فِيمَا قيل على حمَار وَركب مَعَه شرذمة من أَصْحَابه نَحْو الْعشْرين فَارِسًا فشيعوه إِلَى الْموضع الْمَعْرُوف بتيزكي فودعهم وَذهب إِلَى السوس بعد أَن سفك الدَّم الْحَرَام وانتهب المَال الْحَرَام وملأ صَحِيفَته من الآثام نسْأَل الله الْعَفو والعافية وَلما فر الْمهْدي عَنْهُم تفَرقُوا شذر مذر وَبَاتُوا يتحملون بنسائهم وَأَوْلَادهمْ إِلَى منجاتهم وَالَّذين صَعب عَلَيْهِم الْخُرُوج
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute