اجْتَمعُوا وَسَارُوا إِلَى القواد الْأَرْبَعَة فسرحوهم وَرَغبُوا إِلَيْهِم فِي الوساطة عِنْد السُّلْطَان فَأَصْبحُوا على أَطْرَاف الْمحلة يستأذنون على الْمولى الْمَأْمُون فَأذن لَهُم ودخلوا عَلَيْهِ وشفعوا فِيمَن بَقِي مِنْهُم وطلبوا الْأمان فَأَمنَهُمْ ثمَّ تقدمُوا إِلَى السُّلْطَان فَاسْتَأْذنُوا فَأذن لَهُم ودخلوا وأخبروا بِمَا عقد لَهُم الْمولى الْمَأْمُون من الْأمان فأمضاه لَهُم ثمَّ أَمر السُّلْطَان بِجمع الشراردة الَّذين بقوا بالقصبة فَجمع لَهُ مِنْهُم نَحْو الْأَلفَيْنِ وعاثت الجيوش فِي بُيُوتهم وأمتعتهم
وَقيل إِن السُّلْطَان رَحمَه الله لم يؤمنهم وَلما قبض عَلَيْهِم عزم على تحكيم السَّيْف فِي رقابهم فاستفتى الْعلمَاء فيهم فتحاموا الْإِفْتَاء بإراقة الدَّم حَتَّى أَن مِنْهُم من أفتى وَهُوَ الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن المرابط المراكشي بِأَنَّهُم تَابُوا قبل الْقُدْرَة عَلَيْهِم فتوقف السُّلْطَان رَحمَه الله عَن قَتلهمْ وَكَانَ وقافا عِنْد الْحق دائرا مَعَ الشَّرْع حَيْثُ دَار ثمَّ أَمر رَحمَه الله بِالِاحْتِيَاطِ على عِيَال الْمهْدي وَأَوْلَاده فاحتيط عَلَيْهِم فجيء بهم إِلَيْهِ وبعثهم إِلَى مكناسة فأنزلوا بدار الْقَائِد مُحَمَّد بن الشَّاهِد البُخَارِيّ الَّذِي هلك فِي وقْعَة آعليل مَعَ السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان وَأمر السُّلْطَان بسور القصبة فهدم إبرارا لقسمه وحيزت المدافع والمهاريس الَّتِي كَانَت مَنْصُوبَة عَلَيْهِ وَلما انْقَضى أَمر الْحَرْب وَتمّ الْفَتْح هلك الْمعلم مُحَمَّد ملاح نفطت فِيهِ بنبة فَقتلته وَقتلت جمَاعَة مَعَه فَوقف السُّلْطَان عَلَيْهِ بِنَفسِهِ حَتَّى أقبر وَأحسن إِلَى أَوْلَاده بعد ذَلِك وَرَأَيْت بِخَط الْوَزير ابْن إِدْرِيس فِي بعض مكاتيبه مَا نَصه وَاعْلَم أَن الله سُبْحَانَهُ قد فتح علينا الزاوية الشرادية وَأهْلك أَهلهَا الظَّالِمين وَلم تبْق لَهُم بَاقِيَة وَلَا زَالَت العساكر مُقِيمَة على هدمها وتخريبها وَقد قبض مِنْهُم على أَكثر من سِتّمائَة رجل وربحت النَّاس بِمَا وجدت فِيهَا من الأثاث والذخائر والأنعام اه
ثمَّ إِن السُّلْطَان رَحمَه الله فرق مساجين الشراردة فسجن بَعضهم برباط الْفَتْح وَبَعْضهمْ بمكناسة وَبَعْضهمْ بفاس ثمَّ بعد مُضِيّ نَحْو السّنة سرحهم ونقلهم إِلَى بسيط آزغار وَجمع إخْوَانهمْ من الْقَبَائِل فضمهم إِلَيْهِم وَلَا زَالُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute