فَرجع عُمَيْر إِلَى إِدْرِيس وأعلمه بِمَا رأى من الغيضة وساكنيها وَمَا وَقع عَلَيْهِ اخْتِيَاره فِيهَا فجَاء إِدْرِيس لينْظر إِلَى الْبقْعَة فألفى بني الْخَيْر وَبني يرغش يقتتلون فَأصْلح بَينهم وَأَسْلمُوا على يَده
وَاشْترى مِنْهُم الغيضة بِسِتَّة آلَاف دِرْهَم هم فرضوا بذلك وَدفع لَهُم الثّمن وَأشْهد عَلَيْهِم بذلك على يَد كَاتبه أبي الْحسن عبد الله بن مَالك الخزرجي
ثمَّ ضرب أبنتيه بكرواوة وَشرع فِي بِنَاء الْمَدِينَة فاختط عدوة الأندلس غرَّة ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَة
وَفِي سنة ثَلَاث بعْدهَا اختط عدوة الْقرَوِيين وَبنى مساكنه بهَا وانتقل إِلَيْهَا وَقد كَانَ أَولا أدَار السُّور على عدوة الأندلس وَبنى بهَا الْجَامِع الْمَعْرُوف بِجَامِع الْأَشْيَاخ وَأقَام فِيهِ الْخطْبَة ثمَّ انْتقل ثَانِيًا إِلَى عدوة الْقرَوِيين كَمَا قُلْنَا وَنزل بالموضع الْمَعْرُوف بالمقرمدة وَضرب فِيهِ قيطونة وَأخذ فِي بِنَاء جَامع الشرفاء وَأقَام فِيهِ الْخطْبَة أَيْضا ثمَّ شرع فِي بِنَاء دَاره الْمَعْرُوفَة الْآن بدار القيطون الَّتِي يسكنهَا الشرفاء الجوطيون من وَلَده ثمَّ بنى القيسارية إِلَى جَانب الْمَسْجِد الْجَامِع وأدار الْأَسْوَاق حوله وَأمر النَّاس بِالْبِنَاءِ وَقَالَ لَهُم من بنى موضعا أَو اغترسه قبل تَمام السُّور فَهُوَ لَهُ فَبنى النَّاس من ذَلِك شَيْئا كثيرا واغترسوا ووفد عَلَيْهِ جمَاعَة من الْفرس من أَرض الْعرَاق فأنزلهم بغيضة هُنَاكَ كَانَت على الْعين الْمَعْرُوفَة بِعَين علون
وَكَانَ علون عبدا أسود يأوي إِلَى تِلْكَ الغيضة وَيقطع الطَّرِيق بهَا على الْمَارَّة فتحامى النَّاس غيضته وتناذروها فَأعْلم إِدْرِيس رَحمَه الله بِشَأْنِهِ فَبعث فِي طلبه خيلا قبضوا عَلَيْهِ وجاؤوا بِهِ إِلَيْهِ فَأمر بقتْله وصلبه على شَجَرَة كَانَت على الْعين فأضيفت إِلَيْهِ الْعين من يَوْمئِذٍ وَقيل عين علون
ثمَّ أدَار إِدْرِيس السُّور على عدوة الْقرَوِيين وَكَانَت من لدن بَاب السلسلة إِلَى غَدِير الجوزاء
قَالَ عبد الْملك الْوراق كَانَت مَدِينَة فاس فِي الْقَدِيم بلدين لكل بلد مِنْهُمَا سور يحيى ط بِهِ وأبواب تخْتَص بِهِ وَالنّهر فاصل بَينهمَا وَسميت