للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا زَالَ مسجونا إِلَى الْآن ثمَّ سرح من السجْن واستوطن مراكش عَام ألف وثلاثمائة وَخَمْسَة وَفِي هَذِه الْمدَّة شرع السُّلْطَان أعزه الله فِي بِنَاء دَاره الْعَالِيَة بِاللَّه العامرة المزرية بمصانع الْمُعْتَمد وقباب الزهرة وَذَلِكَ فِي الْبُسْتَان الْمَعْرُوف ببستان آمِنَة دَاخل فاس الْجَدِيد عمد أعزه الله إِلَى نَاحيَة من ذَلِك الْبُسْتَان فَقطع مَا كَانَ بهَا من الشّجر وَبنى فِيهَا قبَّة فارهة فائقة الْحسن بديعة الْجمال يُقَال إِنَّه ضاهى بهَا بعض قباب الْمُعْتَمد بن عباد بإشبيلية ثمَّ بنى الدَّار الْكُبْرَى بإزائها وَهِي من عجائب الدُّنْيَا حَسْبَمَا بلغنَا بَالغ أيده الله فِي تنجيدها وتنميقها وأودعها من النقش العجيب والترخيم البديع والزليج الرفيع المزري بخمائل الزهر وقطائف الْهِنْد وبديع الطوس بِحَيْثُ جزم كل من رأى ذَلِك بِأَن مثله لم يتَقَدَّم فِي دولة من دوَل الْمغرب وجلب لقبابها الْأَبْوَاب من بِلَاد الأروام يُقَال إِن ثمن أحد الْأَبْوَاب خَمْسَة عشر ألف ريال مسامره من الْفضة المذهبة وَعوده من أفضل أَنْوَاع الْعود لَا تعرف لَهُ قيمَة وَفِيه من التخريم والنقش مَا يدهش الْفِكر ويحير النّظر وَبَاقِي الْأَبْوَاب من البلور الصافي الْمَذْهَب الْمُودع فِيهِ كل نقش غَرِيب وَبهَا خوخات مركبة بهيئة بديعة كل ذَلِك قد عَمه الذَّهَب النضار الَّذِي يدهش الْأَبْصَار وجلب لذَلِك من الأثاث الرُّومِي مَا قِيمَته أُلُوف من الريال وفيهَا من الْفرش والحائطيات المزخرفة مَا لَا يدرى ثمنه وَلَا يعرف معدنه وموطنه إِلَى غير ذَلِك من المقاعد الْحَسَنَة والمنازل المستحسنة الرائقة الطّرف البديعة الصَّنْعَة والرصف وَفِي مُدَّة مقَام السُّلْطَان أيده الله بفاس بلغه عَن ولد البشير بن مَسْعُود بعض استبداد فَاقْتضى نظر السُّلْطَان أعزه الله أَن يبْعَث من قبله عَاملا لجباية تِلْكَ النواحي فعقد لِأَخِيهِ الْمولى عَليّ على جَيش وأضاف إِلَيْهِ الْقَائِد أَبَا زيد عبد الرَّحْمَن بن الشليح الزراري بِمَنْزِلَة الْوَزير والظهير وبعثهما إِلَى نَاحيَة وَجدّة وَكَانَ ابْن الشليح الْمَذْكُور يَوْمئِذٍ يتَوَلَّى عمالة تازا وَكَانَ أهل وَجدّة وأعمالها يكْرهُونَ ولَايَة ولد البشير عَلَيْهِم وَيُحِبُّونَ ولَايَة ابْن الشليح إِذْ كَانَ لَهُ ذكر وصيت فِي تِلْكَ النَّاحِيَة وَرُبمَا كَاتبه عرب آنقاد وكاتبهم وَلما أحس ولد البشير بذلك انصبغت الْعَدَاوَة بَينه وَبَين ابْن الشليح فَلم يكن إِلَّا كلا وَلَا حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>