حَرْب أعظم من الأولى ودام الْقِتَال بَينهم يَوْمًا إِلَى اللَّيْل
وَكَانَ فِي عَسْكَر زيري بن عَطِيَّة غُلَام أسود اسْمه سَلام كَانَ زيري قد قتل أَخَاهُ فَوجدَ الفرصة إِلَيْهِ فانتهزها وضربه بسكين فِي نَحره ثَلَاث ضربات فأشواه أَي لم يصب مَقْتَله وَمر الْأسود يشْتَد نَحْو المظفر وبشره بقتل زيري فاستكذبه ثمَّ سقط إِلَيْهِ الْخَبَر الصَّحِيح بِأَن زيري قد أثبت فَشد عَلَيْهِم عبد الْملك وهم فِي حَال دهشة من جرح أَمِيرهمْ فَهَزَمَهُمْ واستمرت الْهَزِيمَة على زيري وَأَصْحَابه واثخن فيهم عبد الْملك بِالْقَتْلِ وَملك محلّة زيري بأسرها واحتوى على جَمِيع مَا فِيهَا من المَال وَالسِّلَاح والكراع وَالْإِبِل وَالْعدة فاستولى من ذَلِك على مَا لَا يَأْخُذهُ الْحصْر
وَمضى زيري على وَجهه حَتَّى انْتهى إِلَى مَوضِع يعرف بمضيق الْحَيَّة بِالْقربِ من مكناسة فَعَسْكَرَ بِهِ وَاجْتمعَ إِلَيْهِ الفل من قومه وعزم على الرُّجُوع لمناجزة المظفر فاتصل الْخَبَر بالمظفر فانتخب من عسكره خَمْسَة آلَاف فَارس وَقدم عَلَيْهِم وَاضحا الْفَتى ونهضوا إِلَى زيري بن عَطِيَّة فَضربُوا فِي محلته لَيْلًا بمضيق الْحَيَّة وهم آمنون فأوقعوا بهم وقْعَة عَظِيمَة أسر فِيهَا من اشراف مغراوة نَحْو ألفي رجل وَذَلِكَ فِي منتصف رَمَضَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة فامتن عَلَيْهِم عبد الْملك المظفر وأركبهم مَعَه فَكَانُوا من جنده وفر زيري بن عَطِيَّة فِي شرذمة من أَصْحَابه وَبني عَمه فَانْتهى إِلَى فاس فأغلق أَهلهَا الْأَبْوَاب دونه فَسَأَلَهُمْ أَن يخرجُوا إِلَيْهِ عِيَاله وَأَوْلَاده فأخرجوهم إِلَيْهِ وَأَعْطوهُ مَعَ ذَلِك الزَّاد وَالدَّوَاب فَأَخذهُم وَانْصَرف إِلَى الصَّحرَاء فَنزل بِلَاد صنهاجة وَكَانَ مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute