قدوم عبد الْملك المظفر بن الْمَنْصُور بن أبي عَامر مَدِينَة فاس وَمَا كَانَ من شَأْنه بهَا
لما انهزم زيري بن عَطِيَّة من مضيق الْحَيَّة إِلَى الصَّحرَاء نَهَضَ عبد الْملك المظفر من مُعَسْكَره يؤم فاسا فَدَخلَهَا يَوْم السبت منسلخ شَوَّال سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة فَاسْتَقْبلهُ أَهلهَا مستبشرين بِهِ فَأحْسن لقاءهم وَكتب إِلَى أَبِيه الْمَنْصُور بِالْفَتْح فَقَرَأَ الْكتاب على مِنْبَر جَامع الزهراء من قرطبة وعَلى مَنَابِر مَسَاجِد الأندلس كلهَا شرقا وغربا وَأعْتق الْمَنْصُور ألفا وَخَمْسمِائة مَمْلُوك وثلاثمائة مَمْلُوكَة شكرا لله تَعَالَى وَفرق أَمْوَالًا كَثِيرَة على الْفُقَرَاء وَذَوي الْحَاجَات وَكتب إِلَى وَلَده المظفر بعهده على الْمغرب وأوصاه بِحسن السِّيرَة وَالْعدْل فَقَرَأَ كِتَابه على مِنْبَر مَسْجِد الْقرَوِيين وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة آخر ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة
وَانْصَرف وَاضح إِلَى الأندلس واستوطن عبد الْملك مَدِينَة فاس وَعدل فِيهَا عدلا لم يعهدوه من أحد قبله وَأقَام بهَا سِتَّة أشهر ثمَّ صرفه وَالِده عَنْهَا إِلَى الأندلس وَبعث إِلَيْهَا عوضا عَنهُ عِيسَى بن سعيد صَاحب الشرطة فَأَقَامَ واليا عَلَيْهَا إِلَى صفرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة فَعَزله الْمَنْصُور عَنْهَا وَعَما كَانَ ولاه من بِلَاد العدوة وَولى عَلَيْهَا وَاضحا الْفَتى وَانْصَرف عِيسَى بن سعيد إِلَى الأندلس من السّنة الْمَذْكُورَة بَقِيَّة أَخْبَار زيري بن عَطِيَّة
لما نزل زيري بن عَطِيَّة بِبِلَاد صنهاجة وجدهم قد اخْتلفُوا على ملكهم باديس بن مَنْصُور بن بلكين بن زيري بن مُنَاد صَاحب إفريقية فَأرْسل زيري بن عَطِيَّة فِي قبائل زناتة حاشرين فَأتى مِنْهُم خلق كثير من مغراوة