الْمَشْهُور وأجفلت قبائل زناتة وملوكها بَين يَدَيْهِ وانحازوا إِلَى سبتة وأطل عَلَيْهِم من جبل تطوان وعاين جمعهم الكثيف عَنْهُم إِلَى جِهَاد برغواطة فأوقع بهم وَقتل أَمِيرهمْ ابا مَنْصُور عِيسَى بن أبي الْأَنْصَار وَبعث بسبيهم إِلَى القيروان وَذَلِكَ سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة
ثمَّ حاربتهم أَيْضا جنود الْمَنْصُور بن ابي عَامر لما عقد ابْنه عبد الْملك المظفر لمَوْلَاهُ وَاضح على جِهَاد برغواطة فَعظم أَثَره فيهم بِالْقَتْلِ والسبي
ثمَّ حاربهم أَيْضا بَنو يفرن لما اسْتَقل بَنو يعلى بن مُحَمَّد بن صَالح مِنْهُم بِنَاحِيَة سلا واقتطعوها عَن عمل زيري بن عَطِيَّة المغراوي صَاحب فاس
وَكَانَ لأبي الْكَمَال تَمِيم بن زيري اليفرني فيهم جِهَاد كَبِير حَسْبَمَا تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَعْوَام الْعشْرين وَأَرْبَعمِائَة فَغَلَبَهُمْ على تامسنا وَولى عَلَيْهَا من قبله بعد أَن أثخن فيهم سبيا وقتلا
ثمَّ تراجعوا من بعده إِلَى أَن جَاءَت دولة المرابطين ودخلوا أَرض الْمغرب دخلتهم الثَّانِيَة وفتحوا بِلَاد المصامدة وبلاد تادلا وتامسنا فَأخْبر عبد الله بن ياسين بِأَن بساحلها قبائل برغواطة فِي عدد كثير وَجمع عَظِيم وَأَنَّهُمْ مجوس أهل ضَلَالَة وَكفر وَأخْبر بِمَا تمسكوا بِهِ من ديانتهم الخبيثة وَقيل لَهُ إِن برغواطة قبائل كَثِيرَة وأخلاط شَتَّى اجْتَمعُوا فِي أول أَمرهم على صَالح بن طريف المتنبئ الْكذَّاب وَاسْتمرّ حَالهم على الضَّلَالَة وَالْكفْر إِلَى الْآن فَلَمَّا سمع عبد الله بن ياسين بِحَال برغواطة وَمَا هم عَلَيْهِ من الْكفْر رأى أَن الْوَاجِب تَقْدِيم جهادهم على جِهَاد غَيرهم فَسَار إِلَيْهِم فِي جيوش المرابطين والأمير يَوْمئِذٍ على برغواطة هُوَ أَبُو حَفْص عبد الله من ذُرِّيَّة أبي مَنْصُور عِيسَى بن أبي الْأَنْصَار عبد الله بن أبي غفير مُحَمَّد بن معَاذ بن اليسع بن صَالح بن طريف فَكَانَت بَينه وَبَين عبد الله بن ياسين ملاحم عِظَام مَاتَ فِيهَا من الْفَرِيقَيْنِ خلق كثير وَأُصِيب فِيهَا عبد الله بن ياسين الْجُزُولِيّ مهْدي المرابطين فَكَانَ فِيهَا شَهَادَته رَحمَه الله