للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا لَا محَالة وَإِنَّكُمْ فِي بِلَاد عَدوكُمْ فإياكم أَن تجبنوا أَو تنازعوا فتفشلوا وَتذهب ريحكم وَكُونُوا أعوانا على الْحق وإخوانا فِي ذَات الله وَإِيَّاكُم والتحاسد على الرياسة فَإِن الله يُؤْتِي ملكه من يَشَاء من خلقه ويستخلف فِي أرضه من أَرَادَ من عباده فِي كَلَام غير هَذَا

وَتُوفِّي عبد الله بن ياسين عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم وَهُوَ يَوْم الْأَحَد الرَّابِع وَالْعِشْرين من جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَدفن بِموضع يعرف بكريفلة وَبني على قَبره مَسْجِد وَهُوَ مَشْهُور بهَا إِلَى الْآن

وَكَانَ عبد الله بن ياسين رَحمَه الله شَدِيد الْوَرع فِي الْمطعم وَالْمشْرَب إِنَّمَا يتعيش من لُحُوم الصَّيْد وَنَحْوهَا لم يَأْكُل شَيْئا من لُحُوم صنهاجة وَلَا من أَلْبَانهَا مُدَّة إِقَامَته فيهم

وَكَانَ مَعَ ذَلِك كثير النِّكَاح يتَزَوَّج فِي كل شهر عددا من النِّسَاء ثمَّ يُطَلِّقهُنَّ وَلَا يسمع بِامْرَأَة جميلَة إِلَّا خطبهَا وَمن حسن سياسته أَنه أَقَامَ فِي صنهاجة السّنة وَالْجَمَاعَة حَتَّى أَنه ألزمهم أَن من فَاتَتْهُ صَلَاة فِي جمَاعَة ضرب عشْرين سَوْطًا وَمن فَاتَتْهُ رَكْعَة مِنْهَا ضرب خَمْسَة أسواط

وَمن كراماته أَن المرابطين خَرجُوا مَعَه فِي بعض غَزَوَاته بِبِلَاد السودَان فنفذ مَا مَعَهم من المَاء حَتَّى أشرفوا على الْهَلَاك فَقَامَ عبد الله فَتَيَمم وَصلى رَكْعَتَيْنِ ودعا الله تَعَالَى وَأمن المرابطون على دُعَائِهِ فَلَمَّا فرغ من الدُّعَاء قَالَ لَهُم احفروا تَحت مصلاي هَذَا فَحَفَرُوا فصادفوا المَاء على نَحْو شبر من الأَرْض عذبا بادرا فَشَرِبُوا واستقوا وملؤوا أوعيتهم وَمن تقواه وورعه أَنه لم يزل صَائِما من يَوْم دخل بِلَاد صنهاجة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله

وَاسْتمرّ الْأَمِير أَبُو بكر بن عمر على رياسته وجددت لَهُ الْبيعَة بعد وَفَاة عبد الله بن ياسين فَكَانَ أول مَا فعله بعد تَجْهِيزه إِيَّاه وَدَفنه أَن زحف إِلَى برغواطة مصمما فِي حربهم متوكلا على الله فِي جهادهم فأثخن فيهم قتلا وسبيا حَتَّى تفَرقُوا فِي المكامن والغياض واستأصل شأفتهم وَأسلم الْبَاقُونَ إسلاما جَدِيدا ومحا أَبُو بكر بن عمر أثر دعوتهم من الْمغرب وَجمع غنائمهم وَقسمهَا بَين المرابطين وَعَاد إِلَى مَدِينَة أغمات

<<  <  ج: ص:  >  >>