للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فامتلأت الْمَسَاجِد والرحاب بالمطوعة وَتَوَاصَوْا بهم خيرا هَذَا مساق صَاحب الرَّوْض المعطار

وَقَالَ ابْن الْأَثِير لما رَجَعَ الْمُعْتَمد ابْن عباد إِلَى إشبيلية وَترك قرطبة بِدُونِ مدافع وَسمع مشايخها بِمَا جرى من قتل ابْن عباد لِلْيَهُودِيِّ وَرَأَوا قُوَّة الفرنج وَضعف الْمُسلمين واستعانة بعض مُلُوكهمْ بالفرنج على بعض اجْتَمعُوا وَقَالُوا هَذِه بِلَاد الأندلس قد غلب عَلَيْهَا الفرنج وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل وَإِن استمرت الْأَحْوَال على مَا نرى عَادَتْ نَصْرَانِيَّة كَمَا كَانَت وَسَارُوا إِلَى القَاضِي أبي بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن أدهم فَقَالُوا لَهُ أَلا تنظر إِلَى مَا فِيهِ الْمُسلمُونَ من الصغار والذلة وإعطائهم الْجِزْيَة بعد أَن كَانُوا يأخذونها وَقد رَأينَا رَأيا نعرضه عَلَيْك قَالَ مَا هُوَ قَالُوا نكتب إِلَى عرب إفريقية ونشترط لَهُم إِذا وصلوا إِلَيْنَا قاسمناهم أَمْوَالنَا وَخَرجْنَا مَعَهم مجاهدين فِي سَبِيل الله وَقَالَ أَخَاف إِذا وصلوا إِلَيْنَا أَن يخربوا بِلَادنَا كَمَا فعلوا بإفريقية ويتركوا الفرنج ويبدؤوا بِنَا والمرابطون أصلح مِنْهُم واقرب إِلَيْنَا قَالُوا لَهُ فكاتب يُوسُف بن تاشفين وراغب إِلَيْهِ فِي العبور إِلَيْنَا أَو يُرْسل بعض قواده

وبينما هم يتفاوضون إِذْ قدم عَلَيْهِم ابْن عباد وهم فِي ذَلِك فَعرض عَلَيْهِ القَاضِي ابْن أدهم مَا كَانُوا فِيهِ فَقَالَ لَهُ ابْن عباد أَنْت رَسُولي إِلَيْهِ فِي ذَلِك فَامْتنعَ القَاضِي وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يبرىء نَفسه من تُهْمَة تلْحقهُ فألح عَلَيْهِ الْمُعْتَمد فَعبر القَاضِي الْبَحْر إِلَى أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين فأبلغه الرسَالَة وأعلمه مَا فِيهِ الْمُسلمُونَ من الْخَوْف من الأذفونش وَكَانَ أَمِير الْمُسلمين يَوْمئِذٍ بِمَدِينَة سبتة فَفِي الْحَال أَمر بعبور العساكر إِلَى الأندلس وَأرْسل إِلَى مراكش فِي طلب من بَقِي من عساكره فَأَقْبَلت إِلَيْهِ يَتْلُو بَعْضهَا بَعْضًا فَلَمَّا تكاملت عِنْده عبر الْبَحْر وَسَار فَاجْتمع بالمعتمد ابْن عباد بإشبيلية

وَكَانَ الْمُعْتَمد قد جمع عساكره أَيْضا وَخرج من أهل قرطبة عَسْكَر كَبِير وقصده المطوعة من سَائِر بِلَاد الأندلس ووصلت الْأَخْبَار إِلَى الأذفونش فَجمع عساكره وحشد جُنُوده وَسَار من طليطلة وَكتب إِلَى أَمِير

<<  <  ج: ص:  >  >>