للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلكُل وَاحِد أَتبَاع وَأما النَّصَارَى فيعجبون مِمَّن يزْعم ذَلِك ويرون أَنهم أَكثر من ذَلِك كُله

وَاتفقَ الْكل أَن عدد الْمُسلمين كَانَ أقل من عدد الْكفَّار وَرَأى الأذفونش فِي نَومه كَأَنَّهُ رَاكب فيلا وَبَين يَدَيْهِ طبل صَغِير وَهُوَ ينقر فِيهِ فَقص رُؤْيَاهُ على القسيسين فَلم يعرفوا تَأْوِيلهَا فأحضر رجلا مُسلما عَالما بتفسير الرُّؤْيَا فَقَصَّهَا عَلَيْهِ فاستعفاه من تعبيرها فَلم يعفه فَقَالَ تَأْوِيل هَذِه الرُّؤْيَا من كتاب الله تَعَالَى وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} إِلَى آخر السُّورَة وَقَوله تَعَالَى {فَإِذا نقر فِي الناقور فَذَلِك يَوْمئِذٍ يَوْم عسير على الْكَافرين غير يسير} وَذَلِكَ يَقْتَضِي هَلَاك هَذَا الْجَيْش الَّذِي تجمعه فَلَمَّا اجْتمع جَيْشه وَرَأى كثرته أعجبه فأحضر ذَلِك الْمعبر وَقَالَ لَهُ بِهَذَا الْجَيْش ألْقى إِلَه مُحَمَّد صَاحب كتابكُمْ فَانْصَرف الْمعبر وَقَالَ لبَعض الْمُسلمين هَذَا الْملك هَالك وكل من مَعَه وَذكر الحَدِيث ثَلَاث مهلكات وَفِيه وَإِعْجَاب الْمَرْء بِنَفسِهِ

ثمَّ خرج الأذفونش إِلَى بِلَاد الأندلس وَتقدم السُّلْطَان يُوسُف نَحوه أَيْضا وَتَأَخر ابْن عباد لبَعض مهماته ثمَّ انزعج يقفو أَثَره بِجَيْش فِيهِ حماة الثغور ورؤساء الأندلس وَجعل ابْنه عبد الله على مقدمته وَسَار وَهُوَ ينشد متفائلا بِبَيْت سَائِر مجيزا لَهُ بِأَبْيَات من شعره

(لَا بُد من فرج قريب ... يَأْتِيك بالعجب العجيب)

(غَزْو عَلَيْك مبارك ... سيعود بِالْفَتْح الْقَرِيب)

(لله سعدك إِنَّه ... نكس على دين الصَّلِيب)

(لَا بُد من يَوْم يكون ... لَهُ أَخا يَوْم القليب)

ووافت الجيوش كلهَا بطليوس فأناخوا بظاهرها وَخرج إِلَيْهِم صَاحبهَا المتَوَكل عمر بن مُحَمَّد بن الْأَفْطَس فَلَقِيَهُمْ بِمَا يجب من الضيافات والأقوات وبذل المجهود ثمَّ جَاءَهُم الْخَبَر بشخوص الأذفونش إِلَيْهِم

وَقَالَ ابْن أبي زرع ارتحل يُوسُف بن تاشفين من الخضراء قَاصِدا

<<  <  ج: ص:  >  >>