للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَعمال الْمَكْر والخديعة فَعَاد النَّاس إِلَى محلاتهم وَبَاتُوا ليلتهم ثمَّ أصبح يَوْم الْخَمِيس فَبعث الأذفونش إِلَى ابْن عباد يَقُول غَدا يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ عيدكم والأحد عيدنا فَلْيَكُن لقاؤنا بَينهمَا وَهُوَ يَوْم السبت فَعرف الْمُعْتَمد بذلك السُّلْطَان يُوسُف وأعلمه أَنَّهَا حِيلَة مِنْهُ وخديعة وَإِنَّمَا قَصده الفتك بِنَا يَوْم الْجُمُعَة فَلْيَكُن النَّاس على استعداد لَهُ يَوْم الْجُمُعَة كل النَّهَار وَيُقَال إِن الأذفونش واعدهم ليَوْم الْإِثْنَيْنِ وَبَات النَّاس ليلتهم على أهبة واحتراس كَمَا أَشَارَ ابْن عباد

وَبعد مُضِيّ جُزْء من اللَّيْل انتبه الْفَقِيه الناسك أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن رميلة الْقُرْطُبِيّ وَكَانَ فِي مَحَله ابْن عباد فَرحا مَسْرُورا يَقُول إِنَّه رآى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللَّيْلَة فِي النّوم فبشره بِالْفَتْح وَالْمَوْت على الشَّهَادَة فِي صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة فتأهب ودعا وتضرع ودهن رَأسه وتطيب وانْتهى ذَلِك إِلَى ابْن عباد فَبعث إِلَى يُوسُف يُخبرهُ بهَا تَحْقِيقا لما توقعه من غدر الْعَدو الْكَافِر ثمَّ جَاءَ بِاللَّيْلِ فارسان من طلائع الْمُعْتَمد يخبران أَنَّهُمَا أشرفا على محلّة الأذفونش وسمعا ضوضاء الْجَيْش وخشخشة السِّلَاح ثمَّ تلاحق بَقِيَّة الطَّلَائِع محققين لتحرك الأذفونش ثمَّ جَاءَت الجواسيس من دَاخل محلتهم تَقول استرقنا السّمع فسمعنا الأذفونش يَقُول لأَصْحَابه ابْن عباد مسعر هَذِه الحروب وَهَؤُلَاء الصحراويون وَإِن كَانُوا أهل حفاظ وَذَوي بصائر فِي الْحَرْب فهم غير عارفين بِهَذِهِ الْبِلَاد وَإِنَّمَا قادهم ابْن عباد فاهجموا عَلَيْهِ واصبروا لَهُ فَإِن انْكَشَفَ لكم هان عَلَيْكُم الصحراويون بعده وَلَا أرَاهُ يصبر لكم إِن صدقتموه الحملة فَعِنْدَ ذَلِك بعث ابْن عباد الْكَاتِب أَبَا بكر بن القصيرة إِلَى السُّلْطَان يُوسُف يعرفهُ بإقبال الأذفونش ويستحث نصرته فَمضى ابْن القصيرة يطوي المحلات حَتَّى جَاءَ يُوسُف بن تاشفين فَعرفهُ بجلية الْأَمر فَقَالَ لَهُ قل لَهُ إِنِّي سَائِر إِلَيْك إِن شَاءَ الله وَأمر يُوسُف بعض قواده أَن يمْضِي بكتيبة رسمها لَهُ حَتَّى يدْخل محلّة النَّصَارَى فيضرمها نَارا مَا دَامَ الأذفونش مشتغلا مَعَ ابْن عباد

<<  <  ج: ص:  >  >>