وعَلى سِيَاق ابْن خلكان إِن ابْن تاشفين نزل على أقل من فَرسَخ من عَسْكَر الْعَدو فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء وَكَانَ الْموعد بالمناجزة يَوْم السبت فغدر الأذفونش ومكر فَلَمَّا كَانَ سحر يَوْم الْجُمُعَة منتصف رَجَب أَقبلت طلائع ابْن عباد وَالروم فِي أَثَرهَا وَالنَّاس على طمأنينة فبادر ابْن عباد للرُّكُوب وانبث الْخَبَر فِي العساكر فماجت بِأَهْلِهَا ورجفت الأَرْض وَصَارَت النَّاس فوضى على غير تعبئة وَلَا أهبة ودهمتهم خيل الْعَدو فغمرت ابْن عباد وحطمت مَا تعرض لَهَا وَتركت الأَرْض حصيدا خلفهَا وصرع ابْن عباد وأصابه جرح اشواه وفر رُؤَسَاء الأندلس وَأَسْلمُوا محلاتهم وظنوا أَنه وَهِي لَا يرقع ونازلة لَا تدفع وَظن الأذفونش أَن أَمِير الْمُسلمين فِي المنهزمين وَلم يعلم أَن الْعَاقِبَة لِلْمُتقين فَتقدم أَمِير الْمُسلمين وَأَحْدَقَتْ بِهِ أنجاد خيله وَرِجَاله من صنهاجة ورؤساء الْقَبَائِل وقصدوا محلّة الأذفونش فاقتحموها وَقتلُوا حاميتها وَضربت الطبول وزعقت البوقات الأَرْض وتجاوبت الْجبَال والآفاق وتراجع الرّوم إِلَى محلتهم بعد أَن علمُوا أَن أَمِير الْمُسلمين فِيهَا فقصدوه فأفرج لَهُم عَنْهَا ثمَّ كرّ عَلَيْهِم فَأخْرجهُمْ مِنْهَا ثمَّ كروا عَلَيْهِ فأفرج لَهُم عَنْهَا وَلم تزل الكرات بَينهم تتوالى إِلَى أَن أَمر أَمِير الْمُسلمين حشمه السودَان فترجل مِنْهُم زهاء أَرْبَعَة آلَاف ودخلوا المعترك بدرق اللمط وسيوف الْهِنْد ومزاريق الزان فخالطوا الْخَيل وطعنوها فرمحت بفرسانها وأحجمت عَن أقرانها وتلاحق الأذفونش بأسود نفدت مزاريقه فَأَهوى ليضربه بِالسَّيْفِ فلصق بِهِ الْأسود وَقبض على عنانه وانتضى خنجرا كَانَ متمنطقا بِهِ فأثبته فِي فَخذه فهتك حلق درعه وَشك فَخذه مَعَ بداد سَرْجه وَكَانَ وَقت الزَّوَال يَوْم الْجُمُعَة منتصف رَجَب سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة وهبت ريح النَّصْر فَأنْزل الله سكينته على الْمُسلمين وَنصر دينه القويم وَصَدقُوا الحملة على الأذفونش وَأَصْحَابه فأخرجوهم عَن محلتهم فَوَلوا ظُهُورهمْ وأعطوا أقفاءهم وَالسُّيُوف تصفعهم والرماح تطعنهم إِلَى أَن لَحِقُوا بِرَبْوَةٍ لجؤوا إِلَيْهَا واعتصموا بهَا وَأَحْدَقَتْ بهم الْخَيل فَلَمَّا أظلم اللَّيْل انساب الأذفونش وَأَصْحَابه من الربوة وأفلتوا من بعد مَا نشبت فيهم أظفار الْمنية وَاسْتولى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute