بِجَمِيعِ مَا حصله وَكتب إِلَيْهِ يعرفهُ أَن الجيوش بالثغور مُقِيمَة على مكابدة الْعَدو وملازمة الْحَرْب والقتال فِي أضيق عَيْش وأنكده وملوك الأندلس فِي بِلَادهمْ وأهليهم فِي أرغد عَيْش وأطيبه وَسَأَلَهُ مرسومه فَكتب إِلَيْهِ أَن يَأْمُرهُم بالنقلة والرحيل إِلَى أَرض العدوة فَمن فعل فَذَاك وَمن أَبى فحاصره وقاتله وَلَا تنفس عَلَيْهِ ولتبدأ بِمن والى الثغور مِنْهُم وَلَا تتعرض لِابْنِ عباد إِلَّا بعد استيلائك على الْبِلَاد وكل بلد أَخَذته فول عَلَيْهِ أَمِيرا من عسكرك فامتثل سير بن أبي بكر أمره واستنزلهم وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى كَانَ آخِرهم ابْن عباد فألحقه بهم ونظمه فِي سلكهم على مَا نذكرهُ
وَقَالَ ابْن أبي زرع لما كَانَت سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة جَازَ أَمِير الْمُسلمين إِلَى الأندلس الْجَوَاز الثَّانِي برسم الْجِهَاد قَالَ وَسبب جَوَازه أَن الأذفونش لَعنه الله لما هزم وجرح وَقتلت جموعه عمد إِلَى حصن لبيط الموَالِي لعمل ابْن عباد فشحنه بِالْخَيْلِ وَالرِّجَال وَالرُّمَاة وَأمرهمْ أَن يَكُونُوا ينزلون من الْحصن الْمَذْكُور فيغيرون فِي أَطْرَاف بِلَاد ابْن عباد دون سَائِر بِلَاد الأندلس إِذْ كَانَ السَّبَب فِي جَوَاز أَمِير الْمُسلمين إِلَى الأندلس فَكَانُوا ينزلون من الْحصن فِي الْخَيل وَالرجل فيغيرون وَيقْتلُونَ وَيَأْسِرُونَ قد جعلُوا ذَلِك وَظِيفَة عَلَيْهِم فِي كل يَوْم فسَاء ابْن عباد ذَلِك وضاق بِهِ ذرعا ثمَّ عبر الْبَحْر إِلَى العدوة مستنفرا لأمير الْمُسلمين فَلَقِيَهُ بالمعمورة من حلق وَادي سبو وَهَذِه المعمورة هِيَ الْمُسَمَّاة الْيَوْم بالمهدية من أحواز سلا فَشَكا إِلَيْهِ حصن لبيط وَمن يلقاه الْمُسلمُونَ من أَهله فوعده الْجَوَاز إِلَيْهِ فَرجع الْمُعْتَمد
وَسَار يُوسُف فِي أَثَره فَركب الْبَحْر من قصر الْمجَاز إِلَى الخضراء فَتَلقاهُ ابْن عباد بهَا بِأَلف دَابَّة تحمل الْميرَة والضيافة فَلَمَّا نزل يُوسُف بالخضراء كتب مِنْهَا إِلَى أُمَرَاء الأندلس يَدعُوهُم إِلَى الْجِهَاد وَقَالَ لَهُم الْموعد بَيْننَا وَبَيْنكُم حصن لبيط ثمَّ تحرّك يُوسُف من الخضراء وَذَلِكَ فِي ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة فَنزل على حصن لبيط وَفِي الْقَامُوس لبطيط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute