كزنبيل بلد بالجزيرة الخضراء الأندلسية وَلَعَلَّه هُوَ هَذَا فَلَمَّا نزله أَمِير الْمُسلمين لم يَأْته مِمَّن كتب إِلَيْهِ من أُمَرَاء الأندلس غير ابْن عبد الْعَزِيز صَاحب مرسية وَابْن عباد صَاحب إشبيلية فنازلا مَعَه الْحصن وشرعوا فِي الْقِتَال والتضييق عَلَيْهِ
وَكَانَ يُوسُف رَحمَه الله يَشن الغارات على بِلَاد الفرنج كل يَوْم ودام الْحصار على الْحصن أَرْبَعَة أشهر لم يَنْقَطِع الْقِتَال فِيهَا يَوْمًا وَاحِدًا إِلَى أَن دخل فصل الشتَاء وَوَقع بَين ابْن عبد الْعَزِيز وَابْن عباد نزاع وَشَنَآن فَشَكا الْمُعْتَمد إِلَى أَمِير الْمُسلمين ابْن عبد الْعَزِيز فَقبض عَلَيْهِ أَمِير الْمُسلمين وأسلمه إِلَى ابْن عباد فاختل أَمر الْمحلة بِسَبَب ذَلِك وفر جَيش ابْن عبد الْعَزِيز وقواده عَنْهَا وَقَطعُوا الْميرَة عَن الْمحلة وَوَقع بهَا الغلاء
وَلما علم الأذفونش بذلك حشد أُمَم النَّصْرَانِيَّة وَقصد إِلَى حماية الْحصن فِي أُمَم لَا تحصى فَلَمَّا قرب من الْحصن انحرف لَهُ يُوسُف عَنهُ إِلَى نَاحيَة لورقة ثمَّ إِلَى المرية ثمَّ جَازَ إِلَى العدوة وَقد تغير على أُمَرَاء الأندلس لكَونه لم يَأْته مِنْهُم أحد عِنْدَمَا دعاهم إِلَى الْجِهَاد ومنازلة الْحصن
وَلما أفرج أَمِير الْمُسلمين عَن الْحصن الْمَذْكُور أقبل الأذفونش حَتَّى نزل عَلَيْهِ فأخلاه مِمَّا كَانَ فِيهِ من آلَة الْحصار ومادته وَأخرج من كَانَ فِيهِ من بَقِيَّة النَّصَارَى المنفلتين من مخالب الْمنية وَعَاد إِلَى طليطلة فاستولى ابْن عباد عَلَيْهِ بعد خلائه وفناء جَمِيع حماته بِالْقَتْلِ والجوع سوى تِلْكَ الصبابة المنفلتة
وَكَانَ فِيهِ عِنْدَمَا نازله أَمِير الْمُسلمين اثْنَا عشر ألف مقَاتل دون الْعِيَال والذرية فَأتى عَلَيْهِم الْقَتْل والجوع حَتَّى لم يبْق فِيهِ سوى نَحْو الْمِائَة وهم المنفلتون مِنْهُ عِنْد إخلائه
ثمَّ لما كَانَت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة جَازَ أَمِير الْمُسلمين إِلَى الأندلس الْجَوَاز الثَّالِث برسم الْجِهَاد فَسَار حَتَّى نزل على طليطلة وحاصر بهَا الأذفونش وَشن الغارات بأطرافها فاكتسحها وانتسف ثمارها وزروعها