(وصبية كفراخ الْوَرق من صغر ... لم يألفوا النوح فِي فرع وَلَا فنن)
(قد أوجدتهم أياد مِنْك سَابِقَة ... وَالْكل لولاك لم يُوجد وَلم يكن)
فَوَقع عبد الْمُؤمن على هَذِه القصيدة الْآن وَقد عصيت قبل وَكنت من المفسدين
وَمِمَّا كتب بِهِ من السجْن
(أنوح على نَفسِي أم أنْتَظر الصفحا ... فقد آن أَن تنسى الذُّنُوب وَأَن تمحى)
(فها أَنا فِي ليل من السخط حائر ... وَلَا اهتدي حَتَّى أرى للرضا صبحا)
وامتحن عبد الْمُؤمن الشُّعَرَاء بهجو ابْن عَطِيَّة فَلَمَّا أسمعوه مَا قَالُوا أعرض عَنْهُم وَقَالَ ذهب ابْن عَطِيَّة وَذهب الْأَدَب مَعَه
وَكَانَ لأبي جَعْفَر أَخ اسْمه عَطِيَّة قتل مَعَه كَمَا قُلْنَا ولعطية هَذَا ابْن أديب كَاتب وَهُوَ أَبُو طَالب عقيل بن عَطِيَّة وَمن نظمه فِي رجل تعشق قينة كَانَت ورثت مَالا من مَوْلَاهَا فَكَانَت تنْفق عَلَيْهِ مِنْهُ فَلَمَّا فرغ المَال ملها
فَقَالَ أَبُو طَالب
(لَا تلحه إِن مل من حبها ... فَلم يكن ذَلِك عَن ود)
(لما رَآهَا قد صفا مَا لَهَا ... قَالَ صفا الوجد مَعَ الوجد)
ويروى أَن الْوَزير ابْن عَطِيَّة رَحمَه الله مر مَعَ الْخَلِيفَة عبد الْمُؤمن بِبَعْض طرق مراكش فأطلت جَارِيَة بارعة الْجمال من شباك فَقَالَ عبد الْمُؤمن
(قدت فُؤَادِي من الشباك إِذْ نظرت ... )
فَقَالَ الْوَزير مجيزا لَهُ
(حوراء ترنو إِلَى العشاق بالمقل ... )
فَقَالَ عبد الْمُؤمن
(كَأَنَّمَا لحظها فِي قلب عاشقها ... )
فَقَالَ الْوَزير
(سيف الْمُؤَيد عبد الْمُؤمن بن عَليّ ... )
وَلَا خَفَاء أَن هَذِه طبقَة عالية رحم الله الْجَمِيع بمنه