ذَلِك بَنو سليم وَبَنُو هِلَال ثمَّ انْتَقَلت دولة العبيديين من إفريقية إِلَى مصر وغلبوا القرامطة على الشَّام وانتزعوه مِنْهُم وردوهم على أَعْقَابهم إِلَى الْبَحْرين ونقلوا أشياعهم من بني سليم وَبني هِلَال فأنزلوهم بصعيد مصر فِي العدوة الشرقية من بَحر النّيل فأقاموا هُنَالك وَكَانَ لَهُم أضرار بالبلاد وَلما انْتَقَلت الدولة العبيدية من إفريقية إِلَى مصر كَمَا قُلْنَا استنابوا على إفريقية بني زيري بن مُنَاد الصنهاجيين فملكوها وَكَانُوا يخطبون بملوك العبيديين على منابرهم ويضربون السِّكَّة بِأَسْمَائِهِمْ ويؤدون إِلَيْهِم إتاوة مَعْلُومَة وَطَاعَة مَعْرُوفَة
وَلما انساق ملك إفريقية إِلَى الْمعز بن باديس بن الْمَنْصُور بن بلكين بن زيري بن مُنَاد الصنهاجي كَانَ لَهُ رَغْبَة فِي مَذْهَب أهل السّنة خَالف فِيهِ أسلافه الَّذين كَانُوا على مَذْهَب الشِّيعَة الرافضة وَكَانَ الْخَلِيفَة من العبيديين بِمصْر يَوْمئِذٍ الْمُسْتَنْصر بِاللَّه معد بن الظَّاهِر بن الْحَاكِم بن الْعَزِيز بن الْمعز لدين الله والمعز هَذَا هُوَ الَّذِي انْتقل إِلَى مصر وَبنى مَدِينَة الْقَاهِرَة
وَكَانَ الْمعز بن باديس الصنهاجي لَا تزَال المراسلات والهدايا تخْتَلف بَينه وَبَين الْمُسْتَنْصر العبيدي صَاحب مصر كَمَا كَانَت أسلافهما ثمَّ إِن الْمعز بن باديس ركب ذَات يَوْم لبَعض مذاهبه وَذَلِكَ فِي أول ولَايَته فكبا بِهِ فرسه فَنَادَى مستغيثا بالشيخين أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَسَمعته الْعَامَّة وَكَانَ جمهورهم سنيا فثاروا بالرافضة وقتلوهم أَبْرَح قتل وأعلنوا بالمعتقد الْحق وَنَادَوْا بشعار الْإِيمَان وَقَطعُوا من الْأَذَان حَيّ على خير الْعَمَل