بعده أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ اليازوري أَصله من قرى فلسطين وَكَانَ أَبوهُ فلاحا بهَا فَلَمَّا ولي الوزارة خاطبه الْمعز بن باديس دون مَا كَانَ يُخَاطب بِهِ من قبله من الوزراء كَانَ يَقُول فِي كِتَابه إِلَيْهِم عبدكم وَصَارَ يَقُول فِي كتاب اليازوري صنيعتكم فحقد ذَلِك عَلَيْهِ وَصَارَت القوارص تسري من بَعضهم إِلَى بعض إِلَى أَن أظلم الجو بَين الْمعز بن باديس وَبَين الْمُسْتَنْصر العبيدي ووزيره اليازوري فَقطع ابْن باديس الْخطْبَة بهم على منابره سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وأحرق بنود الْمُسْتَنْصر ومحا اسْمه من السبكة والطرز ودعا للقائم العباسي خَليفَة بَغْدَاد وجاءه خطابه وَكتاب عَهده فقرئ بِجَامِع القيروان ونشرت الرَّايَات السود وهدمت دور الإسماعيلية
وَبلغ الْخَبَر بذلك كُله إِلَى الْمُسْتَنْصر بِالْقَاهِرَةِ فَقَامَتْ قِيَامَته ففاوض وزيره أَبَا مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ اليازوري فِي أَمر ابْن باديس فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يسرح لَهُ الْعَرَب من بني هِلَال وَبني جشم الَّذين بالصعيد وَأَن يتَقَدَّم إِلَيْهِم بالاصطناع ويستميل مشايخهم بالعطاء وتولية أَعمال إفريقية وتقليدهم أمرهَا بَدَلا من صنهاجة الَّذين بهَا لينصروا الشِّيعَة ويدافعوا عَنْهُم فَإِن صدقت المخيلة فِي ظفرهم بِابْن باديس وَقَومه صنهاجة كَانُوا أَوْلِيَاء للدولة وعمالا بِتِلْكَ القاصية وارتفع عدوانهم من ساحة الْخلَافَة وَإِن كَانَت الْأُخْرَى فلهَا مَا بعْدهَا وَأمر الْعَرَب على كل حَال أَهْون على الدولة من أَمر صنهاجة الْمُلُوك