قلت مَا ذكره رَحمَه الله فِي رِبَاط الْفَتْح من أَنه لَا يعمر قد تخلف ظَنّه فِيهِ فَهُوَ الْيَوْم من أعمر أَمْصَار الْمغرب وأحضرها حرسه الله وحرس سَائِر أَمْصَار الْمُسلمين من آفَاق النُّقْصَان وطوارق الْحدثَان
ولنذكر مَا كَانَ فِي هَذِه الْمدَّة من الْأَحْدَاث فَنَقُول فِي سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة هدم عَليّ بن عِيسَى بن مَيْمُون وَكَانَ من رُؤَسَاء الْبَحْر فِي دولة اللمتونيين صنم قادس وقادس هَذِه هِيَ الجزيرة الْمُسَمَّاة فِي لِسَان الْعَامَّة الْيَوْم بقالص وَكَانَ بهَا صنم عظميم على صُورَة رجل وَبِيَدِهِ مِفْتَاح يُقَال إِن حكماء اليونان انخذوه طلسما هُنَاكَ كَانَ من خاصيته أَن يمْنَع هبوب الرّيح فِيمَا جاوره من الْبَحْر الْمُحِيط فَكَانَت السفن لَا تجْرِي هُنَاكَ على مَا قيل فَلَمَّا ثار ابْن مَيْمُون الْمَذْكُور بالجزيرة الْمَذْكُورَة ظن أَن تَحت الصَّنَم مَالا فهدمه فَلم يجد شَيْئا
وَفِي السّنة الْمَذْكُورَة توفّي أَبُو عَليّ مَنْصُور بن إِبْرَاهِيم المساطسي دَفِين آزمور وَكَانَ كَبِير الشَّأْن من أهل الْعلم وَالْعَمَل وَمن اشياخ أبي شُعَيْب السارية
وَفِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة توفّي الإِمَام الْهمام الْحَافِظ البارع أَبُو الْفضل عِيَاض بن مُوسَى الْيحصبِي قَالَ ابْن خلكان توفّي بمراكش يَوْم الْجُمُعَة سَابِع جُمَادَى الْآخِرَة وَقيل فِي شهر رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَدفن بِبَاب آيلان دَاخل الْمَدِينَة وَذَلِكَ فِي دولة عبد الْمُؤمن بن عَليّ
وَفِي سنة تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة توفّي الشَّيْخ أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حرزهم يَنْتَهِي نسبه إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ من أهل مَدِينَة فاس وَبهَا توفّي أخريات شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَكَانَ فَقِيها زاهدا صوفيا قَالَ أَبُو الْحسن