الْمَذْكُور اعتكفت على قِرَاءَة الْإِحْيَاء سنة فجردت الْمسَائِل الَّتِي تنتقد عَلَيْهِ وعزمت على إحراق الْكتاب فَنمت فَرَأَيْت قَائِلا يَقُول جردوه واضربوه حد الْفِرْيَة فَضربت ثَمَانِينَ سَوْطًا فَلَمَّا استيقظت جعلت أقلب ظَهْري وَوجدت الْأَلَم الشَّديد من ذَلِك فتبت إِلَى الله ثمَّ تَأَمَّلت تِلْكَ الْمسَائِل فَوَجَدتهَا مُوَافقَة للْكتاب وَالسّنة وَقد تقدم لنا مَا اتّفق لَهُ مَعَ السُّلْطَان فِي جَنَازَة أبي الْحَكِيم بن برجان
وَفِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة توفّي الشَّيْخ أَبُو شُعَيْب أَيُّوب بن سعيد الصنهاجي الملقب بِسَارِيَة من أهل مَدِينَة آزمور وَبهَا توفّي يَوْم الثُّلَاثَاء عَاشر ربيع الثَّانِي من السّنة الْمَذْكُورَة وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ شَدِيد المراقبة والورع وَالْخَوْف من الله تَعَالَى وَكَانَ إِذا وقف فِي صلَاته يُطِيل الْقيام فَلذَلِك لقب بالسارية ونقلت عَنهُ فِي الْوَرع وَالْخَوْف حكايات انْظُر التشوف
قَالَ مُؤَلفه عَفا الله عَنهُ كنت زرت ضريح هَذَا الشَّيْخ سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف ومدحته بقصيدة سلكت فِيهَا مَسْلَك الأدباء من النّسَب وَغَيره وأنشدتها عِنْد ضريحه فَرَأَيْت لَهَا بركَة وَالْحَمْد لله فَأَحْبَبْت أَن أذكرها هُنَا وَهِي هَذِه
(لله يَا ربع مَا هيجت من شجن ... على الْفُؤَاد وَمن ضنى على الْبدن)
(وقفت فِيك ركابا طالما وقفت ... على الْقُصُور على الأطلال والدمن)