ثمَّ خرج النَّاصِر من إشبيلية غازيا بِلَاد قشتالة فِي أَوَائِل صفر سنة ثَمَان وسِتمِائَة فَسَار حَتَّى نزل حصن سلبطرة وَهُوَ حصن منيع وضع على قمة جبل وَقد تعلق بِأَكْنَافِ السَّحَاب لَيْسَ لَهُ مَسْلَك إِلَّا من طَرِيق وَاحِد فِي مضائق وأوعار فَنزل عَلَيْهِ لناصر وأدار بِهِ الجيوش وَنصب عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ منجنيقا فهتك أرباضه وَلم يقدر مِنْهُ على شَيْء
قَالُوا وَكَانَ وزيره أَبُو سعيد بن جَامع قد تمكن من النَّاصِر فأقصى شُيُوخ الْمُوَحِّدين وأعيانهم وَذَوي الحنكة والرأي مِنْهُم عَن بساطه وَانْفَرَدَ هُوَ بِهِ فَكَانَ يُشِير على النَّاصِر فِي غزوته هَذِه بآراء كَانَت سَبَب الضعْف والوهن وجلبت الكرة على الْمُسلمين من ذَلِك أَن النَّاصِر لما أعياه أَمر الْحصن عزم على النهوض عَنهُ إِلَى غَيره فَأَشَارَ عَلَيْهِ ابْن جَامع بِأَن لَا يتجاوزه حَتَّى يَفْتَحهُ فَيُقَال إِنَّه أَقَامَ على ذَلِك الْحصن ثَمَانِيَة اشهر فنيت فِيهَا أزواد النَّاس وَقلت علوفاتهم وكلت عزائمهم وفسدت نياتهم وانقطعت الأمداد عَن