من الحامية واكتسحوا بسائطه بالغارت وانحازت رعاياه إِلَى المعاقل والحصون وَكَثُرت الشكايات بهم إِلَى الْمُنْتَصر وَهُوَ مُقيم بمراكش فَكتب إِلَى السَّيِّد أبي إِبْرَاهِيم صَاحب فاس يَأْمُرهُ بغزوهم فَخرج إِلَيْهِم وَهُوَ بِبِلَاد الرِّيف فأوقعوا بِهِ وقْعَة شنعاء كَانَت باكورة فتحهم وَعَاد السَّيِّد مفلولا إِلَى فاس وَأَصْحَابه عُرَاة بَين يَدَيْهِ يخصفون عَلَيْهِم من ورق النَّبَات الْمَعْرُوف بالمشعلة فسميت السّنة سنة المشعلة وَكَانُوا قد أَسرُّوا السَّيِّد أَبَا إِبْرَاهِيم ثمَّ عرفوه فأطلقوه ثمَّ صمدت بَنو مرين بعْدهَا إِلَى تازا ففلوا حاميتها وعظمت شوكتهم بالمغرب على مَا نذكرهُ بعد أَن شَاءَ الله
وَفِي سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة هزم الْمُسلمُونَ بقصر أبي دانس من الأندلس وَهِي من الهزائم الْكِبَار الَّتِي تقرب من هزيمَة الْعقَاب لِأَن الْعَدو كَانَ قد نزل قصر أبي دانس وحاصره فَخرج إِلَيْهِ جَيش إشبيلية وجيش قرطبة وجيش جيان وحشود بِلَاد غرب الأندلس لاستنقاذ قصر أبي دانس وَكَانَ ذَلِك بِأَمْر الْمُنْتَصر فَسَارُوا يؤمُّونَ الْعَدو فَلم تقع عينهم على عينه إِلَّا وَقد خامر قُلُوب الْمُسلمين الرعب وولوا الأدبار لما كَانَ قد رسخ فِي نُفُوسهم من بأسه يَوْم الْعقَاب فتكالب الْعَدو بعْدهَا على الْمُسلمين وتمرس بهم وَهَان عَلَيْهِ أَمرهم وخشعت نُفُوسهم لَهُ وَلما فروا مِنْهُ فِي هَذِه الخرجة ركبهمْ بِالسَّيْفِ وقتلهم عَن آخِرهم وَرجع الفنش إِلَى قصر أبي دانس فحاصره حَتَّى اقتحمه عنْوَة وَقتل جَمِيع من بِهِ من الْمُسلمين
وَفِي سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة توفّي صَاحب إفريقية الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص فَبَايع الموحدون بإفريقية ابْنه ابا زيد عبد الرَّحْمَن فَقَامَ بِالْأَمر وأطفأ النائرة وافاض الْعَطاء ومهد النواحي ورتب الْأُمُور حَتَّى ورد كتاب الْمُنْتَصر من مراكش لثَلَاثَة أشهر من ولَايَته بِتَأْخِيرِهِ وتولية السَّيِّد أبي الْعَلَاء الْأَكْبَر مَكَانَهُ وَهُوَ إِدْرِيس بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن فَقدم إفريقية فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة ووالى