الهزائم على ابْن غانية الثائر بإفريقية حَتَّى شرد إِلَى الصَّحرَاء وَأَبُو الْعَلَاء هَذَا هُوَ الَّذِي بنى البرجين اللَّذين على بَاب المهدية وحصنها وَهُوَ الَّذِي بنى برج الذَّهَب بإشبيلية أَيَّام ولَايَته عَلَيْهَا فِي دولة أَبِيه وَأقَام أَبُو الْعَلَاء بإفريقية إِلَى أَن توفّي بتونس مِنْهَا فِي شعْبَان سنة عشْرين وسِتمِائَة
وَاسْتولى على إفريقية بعده ابْنه أَبُو زيد بن إِدْرِيس وَسَاءَتْ سيرته فِي النَّاس وَأقَام على ذَلِك إِلَى دولة الْعَادِل عبد الله بن الْمَنْصُور صَاحب مراكش فَعَزله وَولى مَكَانَهُ عبد الله بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص
ثمَّ غلب عَلَيْهِ أَخُوهُ أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص وتداول ملك إفريقية بنوه من بعده واستبدوا بهَا واقتطعوها عَن نظر بني عبد الْمُؤمن أَصْحَاب مراكش فَلم تعد إِلَيْهِم بعد
وَأما يُوسُف الْمُنْتَصر فَإِنَّهُ اسْتمرّ مُقيما بمراكش على لذاته إِلَى أَن توفّي وَكَانَ من خبر وَفَاته أَنه كَانَ مُولَعا باتخاذ الْحَيَوَان واستنتاجه فَكَانَ يُؤْتى إِلَيْهِ بأصناف الْبَقر من الأندلس فيرسلها فِي بستانه الْكَبِير من حَضْرَة مراكش وَيحمل بَعْضهَا على بعض للتناسل فَخرج ذَات يَوْم للتطوف على تِلْكَ الْبَقر وَالنَّظَر إِلَيْهَا فتوسط قطيعا مِنْهَا وَقد ركب فنشيا فأنكرته بقرة شرود كَانَت فِي ذَلِك القطيع فطعنته فِي صَدره طعنة أَتَت عَلَيْهِ من حِينه وَذَلِكَ فِي عشي يَوْم السبت الثَّانِي عشرَة من ذِي الْحجَّة سنة عشْرين وسِتمِائَة وَلم يخلف إِلَّا حملا من جَارِيَة لَهُ
قَالَ ابْن خلكان لم يكن فِي بني عبد الْمُؤمن أحسن وَجها من الْمُنْتَصر وَلَا أبلغ فِي المخاطبة إِلَّا أَنه كَانَ مشغوفا براحته فَلم يبرح عَن حَضرته فضعفت الدولة فِي أَيَّامه وَالله تَعَالَى أعلم