يحيى بن النَّاصِر وَمن مَعَه من الْمُوَحِّدين وَذَلِكَ فِي رَمَضَان سنة سبع وَعشْرين وسِتمِائَة فَالتقى مَعَه على الْموضع الْمَعْرُوف بالكاعة فَانْهَزَمَ يحيى وَقتل من عسكره وَمن أهل الْجَبَل خلق كثير سيق من رؤوسهم إِلَى مراكش أَرْبَعَة آلَاف رَأس
وَفِي هَذِه السّنة استبد الْأَمِير أَبُو زَكَرِيَّا ابْن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن حَفْص الهنتاتي بإفريقية وخلع طَاعَة الْمُوَحِّدين
وَفِي سنة ثَمَان وَعشْرين بعْدهَا نفذت كتب الْمَأْمُون إِلَى سَائِر الْبِلَاد بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وفيهَا خرجت بِلَاد الأندلس كلهَا من ملك الْمُوَحِّدين ونفاهم عَنْهَا ابْن هود لثائر بهَا وقتلتهم الْعَامَّة فِي كل وَجه
وَفِي سنة تسع وَعشْرين بعْدهَا خرج على الْمَأْمُون أَخُوهُ السَّيِّد أَبُو مُوسَى عمرَان بن الْمَنْصُور بِمَدِينَة سبتة وَتسَمى بالمؤيد فاتصل الْخَبَر بالمأمون فَخرج إِلَيْهِ وبلغه فِي طَرِيقه أَن قبائل بني فازاز ومكلاثه قد حاصروا مكناسة وعاثوا فِي نَوَاحِيهَا فَسَار إِلَيْهِم وحسم مَادَّة فسادهم وَعَاد إِلَى سبتة فحاصر بهَا أَخَاهُ السَّيِّد أَبَا مُوسَى مُدَّة فَلم يقدر مِنْهُ على شَيْء وَكَانَت سبتة من أحصن مدن الْمغرب وَلما طَالَتْ غيبَة الْمَأْمُون عَن الحضرة اغتنم يحيى بن النَّاصِر الفرصة فَنزل من الْجَبَل واقتحمها مَعَ عرب سُفْيَان وشيخهم جرمون بن عِيسَى وَمَعَهُمْ أَبُو سعيد بن وانودين شيخ هنتاتة وعاثوا فِيهَا وهدموا كَنِيسَة النَّصَارَى الَّتِي بنيت بهَا وَقتلُوا كثيرا من يهودها وَسبوا أَمْوَالهم وَدخل يحيى الْقصر فَحمل مِنْهُ جَمِيع مَا وجده بِهِ إِلَى الْجَبَل