يَدَيْهِ حافده تاشفين بن أبي مَالك ووزيره يحيى بن حَازِم الْعلوِي وَجَاء هُوَ على ساقتهم وفر مَسْعُود بن كانون وجموعه أَمَام السُّلْطَان فانتهب معسكرهم وحللهم واستباح عرب الْحَارِث من سُفْيَان وَلحق مَسْعُود بجبل سكسيوة فاعتصم بِهِ وشايع عبد الْوَاحِد السكسيوي الْقَائِم بِهِ على خِلَافه ونازله السُّلْطَان يَعْقُوب بعساكره أَيَّامًا وسرح ابْنه الْأَمِير أَبَا زيان منديل إِلَى بِلَاد السوس لتمهيدها وتدويخ أقطارها فأوغل فِي ديارها وقفل إِلَى أَبِيه فِي آخر يَوْم من السّنة الْمَذْكُورَة
واتصل بالسلطان مَا تضَاعف على أهل الجزيرة من ضيق الْحصار وَشدَّة الْقِتَال وإعواز الأقوات وَأَنَّهُمْ ختنوا الأصاغر من أَوْلَادهم خشيَة عَلَيْهِم من معرة الْكفْر فأهمه ذَلِك
وَكَانَ أقسم أَن لَا يرتحل عَن ابْن كانون حَتَّى ينزل على حكمه أَو يهْلك دون ذَلِك فأعمل النّظر فِيمَا يكون بِهِ خلاص أهل الجزيرة فعقد لوَلِيّ عَهده ابْنه الْأَمِير يُوسُف وَكَانَ بمراكش عل الْغَزْو إِلَيْهَا وَكَانَ أهل الجزيرة كَمَا قُلْنَا قد أحَاط بهم الْعَدو برا وبحرا وانقطعت عَنْهُم الْموَاد وعميت عَلَيْهِم الأنباء إِلَّا مَا يَأْتِيهم بِهِ الْحمام من جبل طَارق وفني أَكْثَرهم بِالْقَتْلِ والجوع وسهر اللَّيْل على الأسوار وَشدَّة الْحصار حَتَّى أشرف بَقِيَّتهمْ على الْهَلَاك وَأَيِسُوا من الْحَيَاة فَحِينَئِذٍ جمعُوا صبيانهم وختنوهم كَمَا مر وبينما هم على ذَلِك قدم الْأَمِير يُوسُف بجيوشه إِلَى طنجة وَكَانَ قدومه فِي أَوَائِل صفر من سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة
وَكَانَ السُّلْطَان يَعْقُوب لما بعث ابْنه الْأَمِير يُوسُف إِلَى طنجة قد كتب إِلَى الثغور بإعداد الأساطيل وعمارتها وتوجيهها إِلَيْهِ وَقسم الإعطاءات وحض النَّاس على النهوض فتوفرت همم الْمُسلمين على الْجِهَاد وَأَجَابُوا من كل نَاحيَة وأبلى الْفَقِيه أَبُو خَاتم العزفي صَاحب سبتة لما بلغه الْخطاب من السُّلْطَان فِي شَأْن الأساطيل الْبلَاء الْحسن وَقَامَ فِيهِ الْمقَام الْمَحْمُود فَهَيَّأَ