ديار الأندلس وَهِي البلاقع وَحسنت من استدعائك إيَّايَ المواقع وَقَوي الْعَزْم وَإِن لم يكن ضَعِيفا وَعرضت على نَفسِي السّفر بسببك فَأَلْفَيْته خَفِيفا والتمست الْإِذْن حَتَّى لَا نرى فِي قبْلَة السداد تحريفا واستقبلتك بصدر مشروح وزند للعزم مقدوح وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحَقّق السول ويسهل بمثوى الأمائل المثول ويهيئ من قبيل هنتاتة الْقبُول بفضله انْتهى
وَلما ذهب إِلَى عَامر بن مُحَمَّد الْمَذْكُور ورقي الْجَبَل زار الْموضع الَّذِي توفّي بِهِ السُّلْطَان أَبُو الْحسن رَحمَه الله وَقد ألم بِذكر ذَلِك فِي نفاضة الجراب إِذْ قَالَ وشاهدت بجبل هنتاتة مَحل وَفَاة السُّلْطَان الْمُقَدّس أَمِير الْمُسلمين أبي الْحسن رَحمَه الله حَيْثُ أَصَابَهُ طَارق الْأَجَل الَّذِي فصل الخطة وأصمت الدعْوَة وَرفع الْمُنَازعَة وعاينته مرفعا عَن الابتذال بِالسُّكْنَى مفروشا بالحصباء مَقْصُودا بالابتهال وَالدُّعَاء فَلم أَبْرَح يَوْم زيارته أَن قلت
(يَا حسنها من أَربع وديار ... أضحت لباغي الْأَمْن دَار قَرَار)
(وجبال عز لَا تذل أنوفها ... إِلَّا لعز الْوَاحِد القهار)
(ومقر تَوْحِيد واس خلَافَة ... آثارها تبنى عَن الْأَخْبَار)
(مَا كنت أَحسب أَن أَنهَار الندى ... تجْرِي بهَا فِي جملَة الْأَنْهَار)
(مَا كنت أَحسب أَن أنوار الحجا ... تلتاح فِي قنن وَفِي أَحْجَار)
(مجت جوانبها البرود وَإِن تكن ... شبت بهَا الْأَعْدَاء جذوة نَار)
(هدت بناها فِي سَبِيل وفائها ... فَكَأَنَّهَا صرعى بِغَيْر عقار)
(لما توعدها على الْمجد العدا ... رضيت بعيث النَّار لَا بالعار)
(عمرت بحلة عَامر وأعزها ... عبد الْعَزِيز بمرهف بتار)
(فرسا رهان أحرزا قصب الندى ... والباس فِي طلق وَفِي مضمار)
(ورثا عَن النّدب الْكَبِير أَبِيهِمَا ... مَحْض الْوَفَاء ورفعة الْمِقْدَار)
(وَكَذَا الْفُرُوع تطول وَهِي شَبيهَة ... بِالْأَصْلِ فِي ورق وَفِي أثمار)
(أزرت وُجُوه الصَّيْد من هنتاتة ... فِي جوها بمطالع الأقمار)
(لله أَي قَبيلَة تركت لَهَا النظراء ... دَعْوَى الْفَخر يَوْم فخار)
(نصرت أَمِير الْمُسلمين وَملكه ... قد أسلمته عزائم الْأَنْصَار)