للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَت الدَّار بزنقة الجيلة من الطالعة فَبَاتَ الشَّيْخ عِنْد حافده تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَ مُنْذُ ولي خطة الحجابة لم يغب عَن دَار الْملك لَيْلَة وَاحِدَة بل كَانَ يَأْخُذ فِي ذَلِك بالحزم بِحَيْثُ يسد أَبْوَاب الحضرة ويفتحها ويباشر سَائِر الْأُمُور السُّلْطَانِيَّة بِنَفسِهِ فَلَمَّا أَرَادَ الله إِنْفَاذ قدره غطى على عقله وبصره فتساهل فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَبعث وَلَده أَبَا الْقَاسِم ليقوم مقَامه فِي غلق الْأَبْوَاب وَفتحهَا مَعَ صَاحب السقيف ومساهمه فِي الْقيام بالأمور السُّلْطَانِيَّة أبي مُحَمَّد عبد الله الطريفي الْآتِي ذكره فغلقا الْأَبْوَاب على الْعَادة وَلما كَانَ الصَّباح من الْغَد تقدم الْوَلَد أَبُو الْقَاسِم لأخذ المفاتيح من دَار الْخلَافَة فأخرجت إِلَيْهِ وَتَوَلَّى فتح الْأَبْوَاب وَحده دون أَن يحضر الطريفي المشارك لَهُ فِي ولَايَة السقيف فَلَمَّا جَاءَ أَبُو مُحَمَّد الْمَذْكُور وَرَأى الْأَبْوَاب مفتحة بِدُونِ حُضُوره أَخذه من ذَلِك مَا قدم وَمَا حدث وأسرها فِي نَفسه حَتَّى إِذا كَانَ الْمسَاء وَحضر الْوَقْت الْمَعْهُود لغلق الْأَبْوَاب طلع للحضرة ولد آخر من ولد الْحَاجِب القبائلي يعرف بِأبي سعيد فبادر أَبُو مُحَمَّد فسد الْأَبْوَاب فِي وَجهه قبل أَن يصل إِلَيْهِ وَأمْسك المفاتيح عِنْده واستبد بهَا فَطلب مِنْهُ أَبُو سعيد أَن يفتح لَهُ الْبَاب فتجهمه وَامْتنع وَكَأَنَّهُ أَمر دبر بلَيْل ثمَّ تقدم الْقَائِد أَبُو مُحَمَّد الْمَذْكُور إِلَى السُّلْطَان أبي سعيد فَأعلمهُ بِمَا اتّفق لَهُ مَعَ أَوْلَاد الْحَاجِب فأوعز إِلَيْهِ السُّلْطَان أَن لَا يفتح الْبَاب بعد غلقه إِلَّا وَقت فَتحه الْمُعْتَاد وَزَاد فِي الْوَصِيَّة بِأَن لَا يفتح وَلَا يغلق إِلَّا بِمحضر السعيد ابْن السُّلْطَان أبي عَامر رَحمَه الله وَلما رَجَعَ أَبُو سعيد إِلَى وَالِده بعدوة الْقرَوِيين من فاس أعلمهُ بِمَا اتّفق لَهُ مَعَ الْقَائِد الطريفي فَامْتَلَأَ غيظا وَقَامَت قِيَامَته وَكَانَت فِيهِ دَالَّة على السُّلْطَان فَتخلف عَن الْحُضُور وَلم يذكر مَا قالته الْحُكَمَاء إِذا عاديت من يملك فَلَا تلمه إِنَّه يهلكك ثمَّ استعطفه السُّلْطَان فَأبى أَن يعْطف ثمَّ بعث إِلَيْهِ بِبَرَاءَة بِخَطِّهِ ليزيل مَا بصدره من الموجدة فَكتب الْحَاجِب جوابها وَأقسم أَن لَا يطَأ بساطا فِيهِ فارح بن مهْدي العلج وَكَانَ فارح هَذَا بِعَين التجلة من السُّلْطَان فَلَمَّا وقف السُّلْطَان أَبُو سعيد على جَوَاب الْحَاجِب حمى أَنفه وأظلمت الدُّنْيَا فِي عَيْنَيْهِ وَأمر بالإيقاع بالحاجب فِي الْحِين فذبح هُوَ وَولده عبد الرَّحْمَن يَوْم الْخَمِيس الموفي ثَلَاثِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>