من شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ عبد الرَّحْمَن هَذَا فَاضلا شَاعِرًا فَمن شعره فِي الْغَزل قَوْله
(اتسمع فِي الْهوى قَول اللواحي ... وَقد أَبْصرت خشف بني ريَاح)
(غزال خلف الصب المعني ... من الوجد المبرح غير صَاح)
(وَقد قتلت وَلَا إِثْم عَلَيْهَا ... مراض جفونه كل الصِّحَاح)
(يَقُول ولحظه بِالْعقلِ يزري ... علام تطيل وصفي وامتداحي)
(فَقلت فنون سحر فِيك راقت ... قَضَت للقلب بالعشق الصراح)
(جبينك والمقلد والثنايا ... صباح فِي صباح فِي صباح)
وَبَقِي الحافد أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور مُرَتبا فِي جملَة الْكتاب وَكَانَ فَاضلا شَاعِرًا أَيْضا وَلما مرض السُّلْطَان أَبُو سعيد فِي شعْبَان سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَصَحَّ من مَرضه وهنأته الشُّعَرَاء بقصائد كَثِيرَة فَكَانَ من جُمْلَتهمْ أَبُو الْحسن الْمَذْكُور فَقَالَ
(هَنِيئًا لنا وَلكُل الْأَنَام ... براحة فَخر الْمُلُوك الْهمام)
(إِمَام أَقَامَ رسوم الْعلَا ... وَحل من الْمجد أَعلَى السنام)
(بِهِ قرت الْعين لما بدا ... صَحِيحا وَمَا إِن بِهِ من سقام)
(وَهل هُوَ إِلَّا كبدر الدجا ... يواري قَلِيلا وَرَاء الْغَمَام)
(وَيظْهر طورا فيجلو بِهِ ... عَن النَّاس يَا صَاح ساجي الظلام)
(أَو اللَّيْث يعكف فِي غيله ... فتحذر مِنْهُ السباح اهتجام)
(أمولاي عُثْمَان بَحر الندى ... ومردي العداة ونجل الْكِرَام)
(لقد رفع الله مقداركم ... فنفسي الْفِدَاء لكم من إِمَام)
(أمولاي عَبدك قد ضره ... أفول رضاكم وَبعد المرام)
(وأضحى كئيبا لإبعادكم ... مشوقا لتقبيل ذَاك الْمقَام)
(فَكُن راحما يَا إِمَام الورى ... عطوفا بمملوكك المستهام)
(لَعَلَّ الَّذِي ناله يَنْقَضِي ... وتشمل مِنْك هبات جسام)
(فأيدك الله بالنصر مَا ... ترنم فَوق الغصون حمام)