منا فانظروا لأنفسكم وَأَوْلَادكُمْ فاتفق الرَّأْي على ارْتِكَاب أخف الضررين وشاع أَن الْكَلَام وَقع بَين النَّصَارَى ورؤساء الأجناد قبل ذَلِك فِي إِسْلَام الْبَلَد خوفًا على نُفُوسهم وعَلى النَّاس ثمَّ عددوا مطَالب وشروطا أداروها وَزَادُوا أَشْيَاء على مَا كَانَ فِي صلح وَادي آش مِنْهَا أَن صَاحب رومة يُوَافق على الِالْتِزَام وَالْوَفَاء بِالشّرطِ إِذا مكنوه من حَمْرَاء غرناطة والمعاقل والحصون وَيحلف على عَادَة النَّصَارَى فِي العهود وَتكلم النَّاس فِي ذَلِك وَذكروا أَن رُؤَسَاء أجناد الْمُسلمين لما خَرجُوا للْكَلَام فِي ذَلِك امتن عَلَيْهِم النَّصَارَى بِمَال جزيل وذخائر ثمَّ عقدت بَينهم الوثائق على شُرُوط قُرِئت على أهل غرناطة فانقادوا إِلَيْهَا ووافقوا عَلَيْهَا وَكَتَبُوا الْبيعَة لصَاحب قشتالة فقبلها مِنْهُم وَنزل سُلْطَان غرناطة أَبُو عبد الله عَن الْحَمْرَاء وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَفِي ثَانِي ربيع الأول من السّنة أَعنِي سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة استولى النَّصَارَى على الْحَمْرَاء ودخلوها بعد أَن استوثقوا من أهل غرناطة بِنَحْوِ خَمْسمِائَة من الْأَعْيَان رهنا خوف الْغدر وَكَانَت الشُّرُوط سَبْعَة وَسِتِّينَ شرطا مِنْهَا تَأْمِين الصَّغِير وَالْكَبِير فِي النَّفس والأهل وَالْمَال وإبقاء النَّاس فِي أماكنهم ودورهم ورباعتهم وعقارهم وَمِنْهَا إِقَامَة شريعتهم على مَا كَانَت وَلَا يحكم على أحد مِنْهُم إِلَّا بِشَرِيعَتِهِ وَأَن تبقى الْمَسَاجِد كَمَا كَانَت والأوقاف كَذَلِك وَأَن لَا يدْخل النَّصَارَى دَار مُسلم وَلَا يغصبوا أحدا وَأَن لَا يولي على الْمُسلمين نَصْرَانِيّ أَو يَهُودِيّ مِمَّن يتَوَلَّى عَلَيْهِم من قبل سلطانهم وَأَن يفتك جَمِيع من أسر فِي غرناطة حَيْثُ كَانُوا وخصوصا أعيانا نَص عَلَيْهِم وَمن هرب من أُسَارَى الْمُسلمين وَدخل غرناطة لَا سَبِيل عَلَيْهِ لمَالِكه وَلَا لغيره وَالسُّلْطَان يدْفع ثمنه لمَالِكه وَمن أَرَادَ الْجَوَاز إِلَى العدوة لَا يمْنَع ويجوزون فِي مُدَّة عينت فِي مراكب السُّلْطَان لَا يلْزمهُم إِلَّا الْكِرَاء ثمَّ بعد تِلْكَ الْمدَّة يُعْطون عشر مَالهم والكراء وَأَن لَا يُؤْخَذ أحد بذنب غَيره وَأَن لَا يجْبر من أسلم على الرُّجُوع لِلنَّصَارَى وَدينهمْ وَأَن من تنصر من الْمُسلمين يُوقف أَيَّامًا حَتَّى يظْهر حَاله ويحضر لَهُ حَاكم من الْمُسلمين وَآخر من النَّصَارَى فَإِن أَبى الرُّجُوع إِلَى الْإِسْلَام تَمَادى على مَا أَرَادَ وَلَا يُعَاتب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute