للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ صَاحب الجمان افْتتح عقبَة الْمغرب وَنزل على طنجة فحاصرها واستنزل ملكهَا يليان الغماري وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَنزل على حكمه بعد أَن أعطَاهُ أَمْوَالًا جليلة ثمَّ أَرَادَ عقبَة اللحاق بالجزيرة الخضراء من عدوة الأندلس فَقَالَ لَهُ يليان أتترك كفار البربر خَلفك وَتَرْمِي بِنَفْسِك فِي بحبوحة الْهَلَاك مَعَ الفرنج وَيقطع الْبَحْر بَيْنك وَبَين المدد فَقَالَ عقبَة وَأَيْنَ كفار البربر قَالَ بِبِلَاد السوس وهم أهل نجدة وبأس قَالَ عقبَة وَمَا دينهم قَالَ لَيْسَ لَهُم دين وَلَا يعْرفُونَ إِن الله حق وَإِنَّمَا هم كَالْبَهَائِمِ وَكَانُوا على دين الْمَجُوسِيَّة يَوْمئِذٍ فَتوجه عقبَة نحوهم فَنزل على مَدِينَة وليلى بِإِزَاءِ جبل زرهون وَهِي يَوْمئِذٍ من أكبر مدن الْمغرب فِيمَا بَين النهرين العظيمين سبو وورغة وَهَذِه الْمَدِينَة هِيَ الْمُسَمَّاة الْيَوْم فِي لِسَان الْعَامَّة بقصر فِرْعَوْن فافتتحها عقبَة وغنم وسبى ثمَّ توجه إِلَى بِلَاد درعة والسوس فلقتيه جموع البربر فَاقْتَتلُوا قتالا شَدِيدا ثمَّ انْهَزَمت البربر بعد حروب صعبة وقتلهم الْمُسلمُونَ قتلا ذريعا وتبعوا آثَارهم إِلَى صحراء لمتونة لَا يلقاهم أحد إِلَّا هزموه

ثمَّ عطف عقبَة على سَاحل الْبَحْر الْمُحِيط الغربي فَانْتهى إِلَى بِلَاد آسفي وَأدْخل قَوَائِم فرسه فِي الْبَحْر ووقف سَاعَة ثمَّ قَالَ لأَصْحَابه ارْفَعُوا أَيْدِيكُم فَفَعَلُوا وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي لم أخرج بطرا وَلَا أشرا وَإنَّك لتعلم إِنَّمَا نطلب السَّبَب الَّذِي طلبه عَبدك ذُو القرنين وَهُوَ أَن تعبد وَلَا يُشْرك بك شَيْء اللَّهُمَّ إِنَّا معاندون لدين الْكفْر ومدافعون عَن دين الْإِسْلَام فَكُن لنا وَلَا تكن علينا يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام ثمَّ انْصَرف رَاجعا

وَقَالَ ابْن خلدون أَيْضا وصل عقبَة إِلَى جبال درن وَقَاتل المصامدة بهَا فَكَانَت بَينه وَبينهمْ حروب وحاصروه بجبل درن فَنَهَضت إِلَيْهِم جموع زناتة وَكَانُوا خَالِصَة للْمُسلمين مُنْذُ إِسْلَام مغراوة فأفرجت المصامدة عَن عقبَة وأثخن فيهم حَتَّى حملهمْ على طَاعَة الْإِسْلَام ودوخ بِلَادهمْ ثمَّ أجَاز إِلَى بِلَاد السوس لقِتَال من بهَا من صنهاجة أهل اللثام وهم يَوْمئِذٍ على دين

<<  <  ج: ص:  >  >>