الْمَجُوسِيَّة وَلم يدينوا بالنصرانية فأثخن فيهم وانْتهى إِلَى تارودانت وَهزمَ جموع البربر وَقَاتل مسوقة من وَرَاء السوس ودوخهم وقفل رَاجعا
وَكَانَ كسيلة الأوربي فِي جَيش عقبَة قد استصحبه فِي غَزَوَاته هَذِه وَكَانَ يستهين بِهِ ويمتهنه فَأمره يَوْمًا بسلخ شَاة بَين يَدَيْهِ فَدَفعهَا كسيلة إِلَى غلمانه فأراده عقبَة على أَن يتولاها بِنَفسِهِ وانتهره فَقَامَ إِلَيْهَا كسيلة مغضبا وَجعل كلما دس يَده فِي الشَّاة مسح بلحيته وَالْعرب يَقُولُونَ مَا هَذَا يَا بربري فَيَقُول هُوَ أجِير فَيَقُول لَهُم شيخ مِنْهُم إِن الْبَرْبَرِي يتوعدكم وَبلغ ذَاك أَبَا المُهَاجر وَهُوَ معتقل عِنْد عقبَة فَبعث إِلَيْهِ ينهاه وَيَقُول كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَأْنف جبابرة الْعَرَب وَأَنت تعمد إِلَى رجل جَبَّار فِي قومه وبدار عزه حَدِيث عهد بالشرك فستفسده وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يتوثق مِنْهُ وخوفه غائلته فتهاون عقبَة بقوله فَلَمَّا قفل من غزاته هَذِه وانْتهى إِلَى طبنة من أَرض الزاب وكسيلة أثْنَاء هَذَا كُله فِي صحبته صرف العساكر إِلَى القيروان أَفْوَاجًا ثِقَة بِمَا دوخ من الْبِلَاد وأذل من البربر حَتَّى بَقِي فِي قَلِيل من الْجند فَلَمَّا وصل إل تهودة وَأَرَادَ أَن ينزل بهَا الحامية نظر إِلَيْهِ الفرنجة وطمعوا فِيهِ فراسلوا كسيلة ودلوه على الفرصة فِيهِ فانتهزوها وراسل بني عَمه وَمن تَبِعَهُمْ من البربر فاتبعوا أثر عقبَة وَأَصْحَابه حَتَّى إِذا غشوهم بتهودة ترجل الْقَوْم وكسروا أجفان سيوفهم وَنزل الصَّبْر واستلحم عقبَة وَأَصْحَابه فَلم يفلت مِنْهُم أحد وَكَانُوا زهاء ثَلَاثمِائَة من كبار الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ اسْتشْهدُوا فِي مسرع وَاحِد وَفِيهِمْ أَبُو المُهَاجر كَانَ عقبَة قد استصحبه فِي اعتقاله كَمَا قُلْنَا فأبلى رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك الْيَوْم الْبلَاء الْحسن
قَالَ ابْن خلدون واجداث الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أُولَئِكَ الشُّهَدَاء أَعنِي عقبَة وَأَصْحَابه بمكانهم من أَرض الزاب لهَذَا الْعَهْد وَقد جعل على قُبُورهم أسنمة ثمَّ جصصت وَاتخذ على الْمَكَان مَسْجِد عرف باسم عقبَة وَهُوَ فِي عداد المزارات ومظان البركات بل هُوَ أشرف مزور من الأجداث فِي بقاع الأَرْض لما توفر فيهه من عدد الشُّهَدَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ الَّذين لَا