وَأسر من الصَّحَابَة يَوْمئِذٍ مُحَمَّد بن أَوْس الْأنْصَارِيّ وَيزِيد بن خلف الْعَبْسِي وَنَفر مَعَهُمَا ففداهم ابْن مصاد صَاحب قفصة وَبعث بهم إِلَى القيروان
ثمَّ زحف كسيلة بعد الْوَقْعَة إِلَى جِهَة القيروان إِذْ هِيَ دَار الْإِمَارَة بالمغرب يَوْمئِذٍ وَبهَا جُمْهُور الْعَرَب ووجوده الْإِسْلَام فَبَلغهُمْ الْخَبَر وَعظم عَلَيْهِم الْأَمر فَقَامَ زهر بن قيس البلوي فيهم خَطِيبًا وَقَالَ يَا معشر الْمُسلمين إِن أصحابكم قد دخلُوا الْجنَّة فاسلكوا سبيلهم أَو يفتح الله عَلَيْكُم فَخَالف حَنش بن عبد الله الصَّنْعَانِيّ لما علم أَنه لَا طَاقَة للْمُسلمين بِمَا دهمهم من أَمر البربر وَرَأى أَن النجَاة بِمن مَعَه من الْمُسلمين أولى ونادى فِي النَّاس بالرحيل إِلَى مشرقهم فَاتَّبعُوهُ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم وَبَقِي زُهَيْر فِي أهل بَيته فاضطر إِلَى الْخُرُوج وَسَار إِلَى برقة فَأَقَامَ بهَا مطلا على الْمغرب ومنتظرا للمدد من الْخُلَفَاء
وَاجْتمعَ إِلَى كسيلة جَمِيع أهل الْمغرب من البربر والفرنجة وَعظم أمره وَتقدم إِلَى القيروان فاستولى عَلَيْهَا فِي الْمحرم سنة أَربع وَسِتِّينَ وفر مِنْهَا بَقِيَّة الْعَرَب فَلَحقُوا بزهير وَلم يقم بهَا إِلَّا أَصْحَاب الذَّرَارِي والأثقال فَأَمنَهُمْ كسيلة وَثبتت قدمه بالقيروان وَاسْتمرّ أَمِيرا على البربر وَمن بَقِي بهَا من الْعَرَب خمس سِنِين
وقارن ذَلِك مهلك يزِيد بن مُعَاوِيَة وفتنة الضَّحَّاك بن قيس مَعَ مَرْوَان ابْن الحكم بمرج راهط من أَرض الشَّام وحروب آل الزبير فاضطرب أَمر الْخلَافَة بالمشرق واضطرم الْمغرب نَارا وفشت الرِّدَّة فِي زناتة والبرانس إِلَى أَن اسْتَقل عبد الْملك بن مَرْوَان بالخلافة وأذهب آثَار الْفِتْنَة من الْمشرق فَالْتَفت إِلَى الْمغرب وتلافى أمره على مَا نذكرهُ