على غَيرهَا من بِلَاد الْمغرب لَا سِيمَا ودولة الْمُسلمين بِهِ يَوْمئِذٍ قد تلاشت وملكهم قد ضعف فوقر ذَلِك فِي نفس الْملك واستأنف الْعَزْم وَبعث مَعَهم حِصَّة من الْعَسْكَر تحصل بهَا الْكِفَايَة وتتأتى بهَا المدافعة والممانعة مَعَ جمَاعَة وافرة من البنائين والمهندسين وَحَملهمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من آلَة وَغَيرهَا فَانْتَهوا إِلَى الْموضع الْمَذْكُور بعد سبع سِنِين من مقدمهم الأول وتحينوا غَفلَة أهل الْبِلَاد وشرعوا فِي بِنَاء حصن مربع على كل ربع مِنْهُ برج وثيق ودأبوا فِي الْعَمَل لَيْلًا وَنَهَارًا فَلم تمض مُدَّة يسيرَة حَتَّى فرغوا مِنْهُ وامتنعوا على الْمُسلمين بِهِ وَكَانَ إنشاؤهم لهَذَا الْحصن على البريجة الْقَدِيمَة بِأَن جعلوها أحد أَرْبَاعه وأضافوا إِلَيْهَا ثَلَاثَة أَربَاع أخر وأداروا السُّور على الْجَمِيع وَاتَّخذُوا فِي دَاخل هَذَا الْحصن ماجلا عَظِيما لخزن المَاء وَهُوَ النطفية فِي لِسَان الجيل بنوه مربعًا بتربيع الْحصن مساحة كل ربع مِنْهُ مائَة وَثَلَاثُونَ شبْرًا وجوانبه وقبوه من حجر النّصْف العجيب النحت الْمُحكم الْوَضع والالتئام مَحْمُولا ذَلِك القبو على سِتَّة أقواس فِي كل ربع قَالَ هَذَا الْمُؤلف وامتلاء نَحْو بلكاظة من هَذَا الماجن يسع عشْرين بوطة من المَاء ثمَّ شيدوا على أحد أَربَاع هَذَا الْحصن طريا عَظِيما مرتفعا جدا لَيْسَ صَادِق التربيع وَلَا الاستدارة غير مهندس الشكل ثمَّ بنوا فِي أَعْلَاهُ على أحد جوانبه بِنَاء آخر لطيفا مستديرا صاعدا فِي الجويرقي إِلَيْهِ على مدارج لَطِيفَة وَجعلُوا فِي أَعْلَاهُ صاريا خَارِجا من جَوْفه وناقوسا للحراسة يشرف الحارس مِنْهُ على نَحْو خَمْسَة وَعشْرين ميلًا من سَائِر جهاته وَجَمِيع هَذِه البناءات الَّتِي ذكرهَا الْمُؤلف من الْحصن وَمَا مَعَه لَا زَالَت قَائِمَة الْعين والأثر إِلَى الْآن إِلَّا الطري فَإِنَّهُ قد اتخذ فِي هَذِه الْأَيَّام الَّتِي هِيَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف منارا لِلْمَسْجِدِ الْجَامِع وَذَلِكَ أَن عَامل الجديدة فِي هَذَا الْعَصْر وَهُوَ الرئيس الْفَاضِل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الجراري حفظه الله اسْتَأْذن الْخَلِيفَة وَهُوَ السُّلْطَان الْأَعْظَم الْمولى الشريف أَبُو عَليّ الْحسن بن مُحَمَّد الْعلوِي نَصره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute