للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله فِي جعله منارا لكَون الْمنَار الْقَدِيم قَصِيرا لَا يسمع النَّاس الْأَذَان فَأذن أعزه الله فِي ذَلِك وَهَذَا الْعَامِل الْيَوْم جاد فِي إِصْلَاحه وَالزِّيَادَة فِيهِ وَقد أشرف على التَّمام وَكَذَلِكَ اسْتَأْذن هَذَا الْعَامِل حَضْرَة السُّلْطَان الْمَذْكُور فِي إدارة جِدَار من دَاخل سور الْمَدِينَة يكون ستْرَة على منَازِل أَهلهَا وَبُيُوتهمْ لِأَن السُّور الْمَذْكُور كَانَ مرتفعا على الْبَلَد بِحَيْثُ يكون الصاعد عَلَيْهِ متكشفا على الْبيُوت واستأذنه فِي إصْلَاح الْقبَّة المشرفة على الْبَحْر الْمَعْرُوفَة بقبة الخياطين وَكَانَت قد تلاشت وباتخاذ سجن متسع مُحكم عَن يَمِين الدَّاخِل من بَاب الْمَدِينَة الْمَذْكُورَة لِأَنَّهُ لم يكن بهَا سجن مُعْتَبر فَأَجَابَهُ الْخَلِيفَة الْمَذْكُور إِلَى ذَلِك كُله أدام الله علاهُ وَقد تمّ جلّ ذَلِك وعادت الْقبَّة إِلَى أحسن حالاتها الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا أَيَّام البرتغال وَالله لَا يضيع أجر من أحسن عملا

ولنرجع إِلَى موضوعنا الَّذِي كُنَّا فِيهِ فَنَقُول ثمَّ شرع نَصَارَى البرتغال بعد الْفَرَاغ من الْحصن الْمَذْكُور فِي إدارة سور الْمَدِينَة على أوثق وَجه وأحكمه وَذَلِكَ أَنهم عَمدُوا إِلَى بقْعَة مربعة من الأَرْض مساحة كل ربع مِنْهَا ثَلَاثمِائَة وَخمْس وَسَبْعُونَ خطْوَة وَجعلُوا مركزها الْحصن الْمَذْكُور ثمَّ أداروا بهَا سورين عاديين ثخن الْخَارِج مِنْهُمَا نَحْو خَمْسَة عشر شبْرًا والداخل على نَحْو الثُّلثَيْنِ مِنْهُ وَبَينهمَا فضاء مردوم بِالتُّرَابِ وَالْحِجَارَة الصَّغِيرَة فَصَارَ السوران بذلك سورا وَاحِد سعته خَمْسُونَ شبْرًا وَهَذَا فِي غير الرّبع الموَالِي للبحر أما هُوَ فَلَيْسَ فِيهِ ردم وَإِنَّمَا هُوَ سور وَاحِد مصمت أضيق مِمَّا عداهُ يَسِيرا وارتفاع هَذِه الأسوار من دَاخل الْبَلَد نَحْو سِتِّينَ شبْرًا وَمن خَارجه نَحْو السّبْعين ثمَّ أداروا خَارج السُّور خَنْدَقًا فسيحا وَجعلُوا عمقه أَرْبَعَة عشر شبْرًا بِحَيْثُ بلغُوا بِهِ المَاء وَإِذا فاض الْبَحْر مَلأ مَا بَين جوانبه وَاتَّخذُوا للمدينة ثَلَاثَة أَبْوَاب أَحدهَا للبحر وَهُوَ بَاب المرسى وَقد سد بِالْبِنَاءِ فِي هَذِه السنين وَاثْنَانِ للبر وَجعلُوا أمامهما قنطرتين بِالْعَمَلِ الهندسي بِحَيْثُ ترفعان وتوضعان وَقت الْحَاجة إِلَى ذَلِك فَصَارَت الْمَدِينَة بِهَذَا كُله فِي غَايَة المناعة

<<  <  ج: ص:  >  >>