للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ كتب السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان للطاغية ثَانِيَة وَذَلِكَ بعد مَا وصل إِلَى الْقصر إِنِّي رحلت إِلَيْك سِتّ عشرَة مرحلة أما ترحل إِلَى وَاحِدَة فَرَحل الطاغية من مَوضِع يُقَال لَهُ تاهدارت وَنزل على وَادي المخازن بمقربة من قصر كتامة وَكَانَ ذَلِك من السُّلْطَان أبي مَرْوَان مكيدة ثمَّ إِن الطاغية تقدم بجيوشه وَعبر جسر الْوَادي وَنزل من هَذِه العدوة فَأمر السُّلْطَان بالقنطرة أَن تهدم وَوجه إِلَيْهَا كَتِيبَة من الْخَيل فهدموها وَكَانَ الْوَادي لَا مشرع لَهُ سوى القنطرة ثمَّ زحف السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان إِلَى الْعَدو بجيوش الْمُسلمين وخيل الله المسومة وانضاف إِلَيْهِ من المتطوعة كل من رغب فِي الْأجر وطمع فِي الشَّهَادَة وَأَقْبل النَّاس سرَاعًا من الْآفَاق وابتدروا حُضُور هَذَا المشهد الْجَلِيل فَكَانَ مِمَّن حَضَره من الْأَعْيَان الشَّيْخ أَبُو المحاسن يُوسُف الفاسي وَغَيره

قَالَ فِي الْمرْآة كَانَ الشَّيْخ أَبُو المحاسن فِي ذَلِك الْيَوْم فِي أحد الجناحين وَأَظنهُ الميسرة من عَسْكَر الْمُسلمين فِي مُقَابلَة النَّصَارَى دمرهم الله قَالَ فَوَقع فِي ذَلِك الْجنَاح انكسار تزحزح بِهِ الْمُسلمُونَ عَن مَصَافهمْ وحملت عَلَيْهِم النَّصَارَى دمرهم الله فَثَبت الشَّيْخ وَثَبت من كَانَ مَعَه إِلَى أَن منح الله الْمُسلمين النَّصْر وركبوا أكتاف الْعَدو يقتلُون وَيَأْسِرُونَ وَالشَّيْخ لم يتزلزل وَلم يلْتَفت مُنْذُ توجه إِلَى قِتَالهمْ حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم اه

وَلما الْتَقت الفئتان وزحف النَّاس بَعضهم إِلَى بعض وَحمى الْوَطِيس واسود الجو بنقع الْجِيَاد ودخان المدافع وَقَامَت الْحَرْب على سَاق توفّي السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان رَحمَه الله عِنْد الصدمة الأولى وَكَانَ مَرِيضا يُقَاد بِهِ فِي محفة فَكَانَ من قَضَاء الله السَّابِق ولطفه السابغ أَنه لم يطلع على وَفَاته أحد إِلَّا حَاجِبه مَوْلَاهُ رضوَان العلج فَإِنَّهُ كتم مَوته وَصَارَ يخْتَلف إِلَى الأجناد وَيَقُول السُّلْطَان يَأْمر فلَانا أَن يذهب إِلَى مَوضِع كَذَا وَفُلَانًا أَن يلْزم الرَّايَة وَفُلَانًا يتَقَدَّم وَفُلَانًا يتَأَخَّر

وَقَالَ شَارِح الزهرة لما توفّي السُّلْطَان أَبُو مَرْوَان لم يظْهر الَّذِي كَانَ سائس المحفة مَوته فَصَارَ يقدم دَوَاب المحفة نَحْو الْعَدو وَيَقُول للجند السُّلْطَان يَأْمُركُمْ بالتقدم إِلَيْهِم وَعلم أَيْضا بِمَوْتِهِ أَخُوهُ وخليفته أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>