للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ فكتمها وَلم يزل الْحَال على ذَلِك وَالنَّاس فِي المناضلة والمقاتلة ومعانقة القواضب والاصطلاء بِنَار الطعان واحتساء كؤس الْحمام إِلَى أَن هبت على الْمُسلمين ريح النَّصْر وساعدهم الْقدر وأثمرت أَغْصَان رماحهم زهر الظفر فولى الْمُشْركُونَ الأدبار ودارت عَلَيْهِم دَائِرَة الْبَوَار وحكمت السيوف فِي رِقَاب الْكفَّار فَفرُّوا ولات حِين فرار وَقتل الطاغية سبستيان عَظِيم البرتغال غريقا فِي الْوَادي وَقصد النَّصَارَى القنطرة فَلم يَجدوا إِلَّا آثارها فخشعت نُفُوسهم وتهافتوا فِي النَّهر تهافت الْفراش على النَّار فَكَانَ ذَلِك من أكبر الْأَسْبَاب فِي استئصالهم وَأعظم الحبائل فِي اقتناصهم وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا عدد نزر وشرذمة قَليلَة

وَقَالَ فِي الْمُنْتَقى الْمَقْصُور كَانَت هَذِه الْغَزْوَة من الْغَزَوَات الْعَظِيمَة الوقائع الشهيرة حضرها جم غفير من أهل الله تَعَالَى حَتَّى إِنَّهَا أشبه شَيْء بغزوة بدر حَدثنَا شَيخنَا أَبُو رَاشد يَعْقُوب البدري عَمَّن يَثِق بِهِ أَن الرجل من حاضري ذَلِك المعترك كَانَ يستبق إِلَى النَّصْرَانِي لينتهز فِيهِ الفرصة فَمَا يصله حَتَّى يجده مَيتا اه

وَبحث فِي الْقَتْلَى عَن مُحَمَّد بن عبد الله المستصرخ بهم والقائد لَهُم إِلَى مصَارِعهمْ فَوجدَ غريقا فِي وَادي المخازن وَذَلِكَ أَنه لما رأى الْهَزِيمَة فر ناجيا بِنَفسِهِ واضطر إِلَى عبور النَّهر فتورط فِي غَدِير مِنْهُ وغرق فَمَاتَ فاستخرجه الغواصون وسلخ وَحشِي جلده تبنا وطيف بِهِ فِي مراكش وَغَيرهَا من الْبِلَاد

وَمِمَّنْ وجد صَرِيعًا فِي الْقَتْلَى يَوْمئِذٍ الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَسْكَر السريفي الشفشاوني صَاحب الدوحة فَإِنَّهُ كَانَ هرب مَعَ المسلوخ وَكَانَ من بطانته فَدخل مَعَه بِلَاد الْعَدو فَوجدَ بَين جيف النَّصَارَى قَتِيلا وَتكلم النَّاس فِي أمره حَتَّى قيل إِنَّه وجد على شِمَاله مستدبر الْقبْلَة وَفِيه يَقُول الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن الإِمَام الشهير أبي مُحَمَّد عبد الله الهبطي رَحمَه الله فِي منظومته الَّتِي نظم فِيهَا أَصْحَاب أَبِيه معتذرا عَن ابْن عَسْكَر الْمَذْكُور ومشيرا إِلَى توهين مَا قيل فِيهِ

(وَمِنْهُم الشَّيْخ الَّذِي لَا يُنكر ... مُحَمَّد أَخُو الدهاء عَسْكَر)

<<  <  ج: ص:  >  >>