فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك على مشورة الْمَنْصُور وإمضائه إِيَّاه ثمَّ كتب إِلَى الْمَنْصُور بذلك وَكَانَت العساكر قد أصابتها الْحمى ووخامة تِلْكَ الأَرْض فاتفق رَأْي الْأُمَرَاء على الرُّجُوع وَالْإِقَامَة بتنبكتو إِلَى أَن يَأْتِي جَوَاب الْمَنْصُور فَرَجَعُوا وَأخذ جؤذر فِي إنْشَاء الغلائط والسفن وتركيبها وَلما أكملها دَفعهَا فِي النّيل وَلما بلغ الْمَنْصُور خبر الصُّلْح قَامَ وَقعد وَقوم عسكرا خَفِيفا وَبعث بِهِ مَعَ مَمْلُوكه الآخر مَحْمُود باشا وَهُوَ أَخُو جؤذر وقلده أَمر العساكر كلهَا وعزل جؤذرا عَنْهَا وَأمر مَحْمُودًا أَن يبقيه مَعَه وَكتب إِلَى أُمَرَاء الْعَسْكَر يعاتبهم يوبخهم على مَا فَعَلُوهُ مَعَ إِسْحَاق من الصُّلْح ويؤكد عَلَيْهِم فِي الرُّجُوع إِلَى بِلَاده واتباعه حَيْثُمَا توجه وَلَو عبر النّيل إِلَى العدوة الْأُخْرَى وَخرج مَحْمُود باشا فِيمَن عين لَهُ من الْعَسْكَر فِي زمَان الْحر فِي وَقت لَا يقدر على الْحَرَكَة فِيهِ إِلَّا القطا الكدري وَقطع القفر فِي خمسين مرحلة أَمر لم يسمع بِمثلِهِ وَنزل بالعساكر على ظَاهر تنبكتو على رَأس سنة الْألف فأراح بهَا ثَلَاثًا ثمَّ شحن الغلائط والسفن والفلك بالرؤساء والملاحين ووجوه الْجند فَسَارُوا فِي النّيل وَسَار السوَاد الْأَعْظَم فِي الْبر إِلَى أَن نزلُوا على مَدِينَة كاغو قَاعِدَة ملك إِسْحَاق سكية وَكَانَ إِسْحَاق لما رجعت عَنهُ العساكر إِلَى تنبكتو احتشد أُمَم السودَان المجاورين لَهُ وتذامروا وأصفقوا مَعَه على الْمَوْت فَلَمَّا بلغه رُجُوع العساكر إِلَى كاغو قصدهم فِي جموعه وَلما التقى الْجَمْعَانِ لم يكن إِلَّا مِقْدَار فوَاق نَاقَة حَتَّى انهزم السودَان من سَماع رعد المدافع والمهاريس وارتفاع القنابل فِي الجو وهدير الطبول وتبعتهم العساكر يقتلُون وَيَأْسِرُونَ إِلَى أَن غشيهم ظلم اللَّيْل وَرَجَعُوا بالغنائم والسبي فاستراحوا ثَلَاثًا ثمَّ أَمر مَحْمُود أَخَاهُ جؤذرا أَن يُقيم بِمَدِينَة كاغو عَامِرًا لَهَا وَيتْرك مَعَه عددا من الْعَسْكَر يكون ردْءًا لَهُم وَسَار هُوَ فِي اتِّبَاع إِسْحَاق إِلَى أَن لحقه بِبَعْض الْجِهَات فأوقع بِهِ وقْعَة شنعاء وفر فِي فل من قومه فَعبر النّيل إِلَى العدوة الْأُخْرَى وَتَبعهُ مَحْمُود فَعبر النّيل بعساكره فِي السفن وَسَار خَلفه إِلَى أَن لحقه فأوقع بِهِ وقْعَة ثَالِثَة احتوى فِيهَا على مَا مَعَه من المَال والحريم وَدخل إِسْحَاق القفر فَهَلَك فِيهِ ثمَّ كَانَت لمحمود وقْعَة أُخْرَى مَعَ أَخِيه الَّذِي كَانَ ينازعه فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute