(سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة)
فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث الْمحرم: قدم الْفَخر نَاظر الْجَيْش من الْحجاز وَكَانَ قد سَافر إِلَى مَكَّة فِي مُدَّة اثنى عشر يَوْمًا وَغَابَ حَتَّى قدم نَحْو شهر وَتصدق فِي الْحَرَمَيْنِ بإثني عشر ألف دِينَار. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشره: قدم الْأَمِير أرغون النَّائِب من الْحجاز وَكَانَ قد سَافر أول ذِي الْقعدَة وَمَشى من مَكَّة إِلَى عَرَفَات على قَدَمَيْهِ بهيئة الْفُقَرَاء. ثمَّ قدم الْأَمِير بهاء الدّين أصلم أَمِير الركب بالحاج وَلم ير فِيمَا تقدم مثل كَثْرَة الْحَاج فِي موسم الحالية. وَكَانَت الوقفة يَوْم الْجُمُعَة. وَكَانَ حَاج مصر سَبْعَة ركُوب: ركب فِي شهر رَجَب وَأَرْبَعَة فِي شَوَّال أَولهَا رَحل فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سادس عشره ورحل أَخّرهَا يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشره. وَسَار الْأَمِير أرغون النَّائِب أول ذِي الْقعدَة فِي جمَاعَة ثمَّ توجه الْفَخر فِي جمَاعَة وَركب الْبَحْر خلائق وَاجْتمعَ بِعَرَفَة مَا يزِيد على ثَلَاثِينَ ركباً. ووقف محمل الْعرَاق خلف محمل مصر وَمن خَلفه محمل الْيمن. واعتنى أَبُو سعيد بِأَمْر حَاج الْعرَاق عناية تَامَّة وغشى الْمحمل بالحرير ورصعه بِاللُّؤْلُؤِ والياقوت وأنواع الْجَوَاهِر وَجعل لَهُ جتراً ينصب عَلَيْهِ إِذا وضع. فَلَمَّا مر ركب الْعرَاق بعرب الْبَحْرين خرج عَلَيْهِم ألف فَارس يُرِيدُونَ أَخذهم فتوسط النَّاس بَينهم على أَن يَأْخُذُوا من أَمِير الركب ثَلَاثَة أُلَّاف دِينَار فَلَمَّا قيل لَهُم إِنَّمَا جِئْنَا من الْعرَاق بِأَمْر الْملك النَّاصِر صَاحب مصر وَكتابه إِلَيْنَا بِالْمَسِيرِ إِلَى الْحجاز أعادوا المَال وَقَالُوا: لأجل الْملك النَّاصِر نخفركم بِغَيْر شَيْء ومكنوهم من الْمسير. فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان فسر بِهِ وَبَالغ فِي الإنعام على العربان. وَكَانَ السُّلْطَان قد بعث إِلَى أُمَرَاء الْمغل وأعيانهم الْخلْع فَلَمَّا انْقَضى الْحَج خلع عَلَيْهِم الْأَمِير أرغون النَّائِب ودعا لأبي سعيد بعد الدُّعَاء للسُّلْطَان بِمَكَّة. وَفِيه قدم كتاب نَائِب الشَّام فِي الشَّفَاعَة فِي ابْن تَيْمِية وَكَانَ قد سجن فِي السّنة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute