(سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)
أهلت والعسكر فِي حَرَكَة اهتمام بِالسَّفرِ إِلَى الكرك وَقد تعين الْأَمِير بغا الفخري والأمير قماري والأمير طشتمر طلليه للتوجه بهم. وألزم السُّلْطَان كل أَمِير مائَة مقدم ألف بِإِخْرَاج عشرَة مماليك وَلم يُوجد فِي بَيت المَال وَلَا الخزانة مَا ينْفق عَلَيْهِم مِنْهُ فَأخذ مَالا من تجار الْعَجم وَمن بَيت الْأَمِير بكتمر وَجَمَاعَة أخرين على سَبِيل الْقَرْض وَأنْفق فيهم. وَفِي يَوْم السبت مستهل الْمحرم: قدم مُبشر الْحَاج. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشره: خرج المجردون إِلَى الكرك. وَفِي رَابِع عشريه: قدم محمل الْحَاج وَقد قاسى الْحَاج فِي سفرهم مشقات كَبِيرَة من قلَّة المَاء وَغَلَاء الأسعار بِحَيْثُ أبيعت الويبة من الشّعير بِأَرْبَعِينَ درهما عَنْهَا دِينَارَانِ والويبة الدَّقِيق بخمسون درهما والرطل البشماط بِثَلَاثَة دَرَاهِم. وأبيع الأردب الْقَمْح فِي مَكَّة بِمِائَتي دِرْهَم وَبلغ الْجمل بمنى إِلَى أَرْبَعمِائَة وَخمسين درهما لقلَّة الْجمال. وَكَانَ من أَسبَاب ذَلِك أَن الشريف عجلَان بن رميثة خرج إِلَى جدة وَمنع تجار الْيمن من عبور مَكَّة فعز بهَا صنف المتجر وَهلك كثير من مشَاة الْحَاج. وَفِيه أَقَامَت العساكر على محاصرة الكرك وَقطع الْميرَة عَنْهَا وَكَانَت أَمْوَال النَّاصِر أَحْمد قد نفذت من كَثْرَة نفقاته فَوَقع الطمع فِيهِ. وَأخذ بَالغ - وَهُوَ أجل ثقاته من الكركيين - فِي الْعَمَل عَلَيْهِ وَكَاتب الْأُمَرَاء وَوَعدهمْ أَنه يسلم إِلَيْهِم الكرك وَسَأَلَ الْأمان. فَكتب إِلَيْهِ عَن السُّلْطَان أَمَان وَقدم إِلَى الْقَاهِرَة كَمَا تقدم فِي السّنة الخالية وَمَعَهُ مَسْعُود وَابْن آبي اللَّيْث وَهَؤُلَاء أَعْيَان مَشَايِخ الكرك فأكرمهم السُّلْطَان وأنعم عَلَيْهِم وَكتب لَهُم مناشير بِجَمِيعِ مَا طلبوه من الإقطاعات والأراضي وَكَانَت جملَة مَا طلبه بَالغ بمفرده نَحْو أَرْبَعمِائَة وَخمسين ألف دِرْهَم فِي السّنة وَكَذَلِكَ أَصْحَابه ثمَّ أعيدوا بعد مَا حلفوا وَقد بلغ النَّاصِر أَحْمد خبرهم فتحصن بالقلعة وَرفع جسرها وصاروا هم بِالْمَدِينَةِ ومكاتباتهم ترد على الْعَسْكَر. فَلَمَّا ركب الْعَسْكَر للحرب وَخرج الكركيون لم يكن غير سَاعَة حَتَّى انْهَزمُوا مِنْهُم إِلَى دَاخل الْمَدِينَة فَدَخلَهَا الْعَسْكَر أَفْوَاجًا واستوطنوها وجدوا فِي قتال أهل القلعة عدَّة أَيَّام وَالنَّاس تنزل مِنْهَا شَيْئا بعد شَيْء حَتَّى لم يبْق مَعَ النَّاصِر أَحْمد عشرَة أنفس فَأَقَامَ يَرْمِي بهم على الْعَسْكَر. وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute