(سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة)
فِيهَا قدم الْملك المظفر تَقِيّ الدّين مَحْمُود بن الْمَنْصُور مُحَمَّد بن عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب - صَاحب حماة - إِلَى الْملك الْكَامِل نجدة فِي عَسْكَر كثيف وَمَعَهُ الطواشي مرشد المنصوري فَتَلقاهُ السُّلْطَان وَأعظم قدره وأنزله على مينته وَهِي الْمنزلَة الَّتِي كَانَت لِأَبِيهِ وجده عِنْد السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف وَوصل الفائز إِبْرَاهِيم بن الْعَادِل إِلَى أَخِيه الْأَشْرَف مُوسَى برسالة أخيهما الْكَامِل للاستنجاد على الفرنج فَأكْرمه وأمسكه عِنْده فَإِن الْغَرَض إِنَّمَا كَانَ إِخْرَاجه من أَرض مصر. وفيهَا اشْتَدَّ قتال الفرنج وعظمت نكايتهم لأهل دمياط وَكَانَ فِيهَا نَحْو الْعشْرين ألف مقَاتل فنهكتهم الْأَمْرَاض وغلت عِنْدهم الأسعار حَتَّى أبيعت الْبَيْضَة الْوَاحِدَة من بيض الدَّجَاج بعدة دَنَانِير وامتلأت الطرقات من الْأَمْوَات وعدمت الأقوات وَصَارَ السكر فِي عزة الْيَاقُوت وفقدت اللحوم فَلم يقدر عَلَيْهَا بِوَجْه وآلت بِالنَّاسِ الْحَال إِلَى أَن لم يبْق عِنْدهم غير شَيْء يسير من الْقَمْح وَالشَّجر فَقَط فتسور الفرنج السُّور وملكوا مِنْهُ الْبَلَد يَوْم الثُّلَاثَاء لخمس بَقينَ من شعْبَان فَكَانَت مُدَّة الْحصار سِتَّة عشر شهرا واثنين وَعشْرين يَوْمًا وعندما أخذُوا دمياط وضعُوا السَّيْف فِي النَّاس فَلم يعرف عدد من قتل لكثرتهم ورحل السُّلْطَان بعد ذَلِك بيومين وَنزل قبالة طلخا على رَأس بَحر أكوم وَرَأس بَحر دمياط وخيم بالمنزلة الَّتِي عرفت بالمنصورة وحصن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute