(سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة)
شهر الله الْمحرم أَوله يَوْم الْأَحَد وَفِي ثامن عشره: قدم الْحَاج وَلم يتَّفق بِمثل هَذَا فِيمَا سلف وَهلك جمَاعَة من المشاة وَقدم الشريف ثقبة مُقَيّدا فسجن. وَفِي ثامن عشريه: قدم الْأَمِير شيخو مِمَّن مَعَه من بِلَاد الصَّعِيد وَكَانَ من خَبره أَن العربان بِالْوَجْهِ القبلى خَرجُوا عَن الطَّاعَة وَسَفك بَعضهم دِمَاء بعض وَقَطعُوا الطرقات وَأخذُوا أَمْوَال النَّاس وكسروا مغل الْأُمَرَاء والأجناد. وَقتلُوا الكاشف طغاى وكسروا مجد الدّين مُوسَى الهذبانى وَأخذُوا خامه وقماشه وَقتلُوا بعض أجناده. وَقَامَ فِي البهنساوية ابْن سودى وحشد على بنى عَمه وَقتل مِنْهُم نَحْو الالفي رجل وأغار على الْبِلَاد وَأكْثر من الْقَتْل والنهب. ونافق أَيْضا ميسرَة بالأطفيحية واقتتل مَعَ ابْن مغنى قتالاً كَبِيرا فاستمر هَذَا الْبلَاء بالصعيد سنة كَامِلَة هلك فِيهَا من العربان خلائق كَثِيرَة فمازال السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون يسوس الْأَمر حَتَّى سكنت تِلْكَ الْفِتَن وتتبع أهل الْفساد وحرث دِيَارهمْ بالأبقار وأفناهم بِالْقَتْلِ. ثمَّ ثَارُوا بعد ذَلِك وركبوا على بيبغا الشمسى الكاشف وحاربوه وتجمعوا على الْفساد ثمَّ تبع ذَلِك قيام الأحدب واسْمه مُحَمَّد بن وَاصل وَلم يكن أحدب وَلَكِن أقفص فشهر لذَلِك بالأحدب وَقَامَ الأحدب هَذَا فِي عرب عَرك بِنَاحِيَة وَقَاتل بنى هِلَال. فَلَمَّا تغافل أهل الدولة بعد موت السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون عَن أهل النواحي قلت مهابة الْكَشَّاف والولاة عِنْدهم فَخَرجُوا عَن الْحَد وَقَطعُوا الطرقات برا وبحراً حَتَّى تعذر سلوكها. ومالوا على المعاصر والسواقي فنهبوا حواصلها من القنود وَالسكر والأعسال وذبحوا الأبقار. وَادّعى الأحدب السلطنة وَجلسَ فِي جتر أَخذه من قماش الهذبانى وَجعل خَلفه الْمسند وأجلس الْعَرَب حوله وَمد السماط بَين يَدَيْهِ فنفذ أمره فِي الفلاحين. وَصَارَ الجندي إِذا انْكَسَرَ لَهُ خراج قَصده وساله فِي خلاصه من فلاحه فَيكْتب لهورقة لفلاحه وَأهل بَلَده فيصل بهَا إِلَى حَقه وَيُرْسل مَعَ مماليك الكاشف والوالي بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ ويأمره أَن يَقُول: إِن كَانَت لَك حَاجَة قضيتها لَك. وحدثته نَفسه بتملك الصَّعِيد وقويت نَفسه بتأخر وُلَاة الْأُمُور عَنهُ وَأقَام لَهُ حاجباً وكاتباً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute