(سنة تسع وَثَمَانمِائَة)
استهلت والخليفة المستعين بِاللَّه أَبُو الْفضل الْعَبَّاس بن مُحَمَّد المتَوَكل على الله وَالسُّلْطَان الْملك النَّاصِر فرج بن الظَّاهِر برقوق ودمشق بيد الْأَمِير نوروز من قبل الْأَمِير جكم وحلب وحماة وطرابلس بيد الْأَمِير جكم وَهُوَ خَارج عَن طَاعَة السُّلْطَان. ونائبه بديار مصر الْأَمِير تمراز وبدمشق الْأَمِير شيخ وَقد توجه بعد الكسرة على حمص إِلَى جِهَة الرملة. شهر الله الْمحرم أَوله الْجُمُعَة وَيُوَافِقهُ رَابِع عشْرين بؤونة: والمثقال الذَّهَب بِمِائَة دِرْهَم وَخَمْسَة وَثَلَاثِينَ درهما بالفلوس وكل دِينَار أفرنتي بِمِائَة وَخَمْسَة عشر درهما والقمح بِمِائَة وَثَلَاثِينَ درهما الأردب وَالشعِير والفول بِنَحْوِ مائَة دِرْهَم والفلوس كل رَطْل بِسِتَّة دَرَاهِم وَالْفِضَّة لَا تظهر بَين النَّاس وَإِذا ظَهرت تبَاع كل دِرْهَم كاملي بِخَمْسَة دَرَاهِم من الْفُلُوس - زنة عشر أواقي - وَبِهَذَا فَسدتْ أَحْوَال أَرْبَاب الجوامك من الْفُقَهَاء وأمثالهم الَّذين رزقهم على الْأَوْقَاف والمرتبات السُّلْطَانِيَّة فصاروا يَأْخُذُونَ معاليمهم عَن كل دِرْهَم فضَّة أوقيتين فُلُوسًا وتسمي درهما وَارْتَفَعت أسعار جَمِيع المبيعات حَتَّى بلغت أَضْعَاف قيمتهَا الْمُعْتَادَة بِالْفِضَّةِ فَصَارَ من معلومه مثلا مائَة دِرْهَم فِي الشَّهْر - وَكَانَ قبل هَذِه الْحَوَادِث والمحن يَأْخُذهَا فضَّة عَنْهَا خَمْسَة مَثَاقِيل ذَهَبا - فَإِنَّهُ الْآن يَأْخُذ عَن الْمِائَة سَبْعَة عشر رطلا وثلثي رَطْل من الْفُلُوس يُقَال لَهَا مائَة دِرْهَم وَلَا تبلغ دِينَارا وَاحِدًا فيشتري بِهَذِهِ الْمِائَة مَا كَانَ قبل هَذَا يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من عشْرين بِكَثِير فَإِن كل سلْعَة كَانَت تبَاع بِدِينَار لَا تبَاع الْآن إِلَّا بِدِينَار وبأكثر من دِينَار. وَأما الأجراء وَأَصْحَاب الصَّنَائِع فَإِن أجرهم تزايدت فَكل من كَانَت أجرته درهما لَا يَأْخُذ الْآن إِلَّا خَمْسَة فَمَا فَوْقهَا. وَكَذَلِكَ التُّجَّار ضاعفوا ربحهم فِي بضائعهم وَأما أَرْبَاب الإقطاعات فَإِنَّهُم جعلُوا كل فدان بِسِتَّة أَمْثَال مَا كَانَ فَلم يخْتل من حَالهم شَيْء إِلَّا أَنه صَار بِهَذَا الِاعْتِبَار لَا يُرْجَى الرخَاء بِمصْر فَإِن الْغلَّة تقوم على صَاحبهَا بِقِيمَة زَائِدَة من أجل غلاء أُجْرَة الطين وَثمن الْبذر وَأُجْرَة الحصادين وَنَحْوهم وكل ذَلِك من سوء نظر وُلَاة الْأُمُور. وَقد كتبت فِي هَذَا مصنفاً اسْمه إغاثة الْأمة بكشف الْغُمَّة وَقد اعتذر لي بَعضهم عَن إِفْسَاد أهل الدولة الدِّرْهَم فَإِنَّهُ حملهمْ على ذَلِك كَثْرَة مَا عَلَيْهِم من جوامك المماليك وَذَلِكَ أَن نَفَقَة المماليك السُّلْطَانِيَّة تبلغ فِي كل شهر إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute